في خطوة غير مألوفة في تقاليد الحكومات الأردنية، أعلن مكتب رئيس الوزراء الأردني جعفر حسان، الثلاثاء، عن تعديل وزاري موسّع سيُجرى رسميًا يوم الأربعاء، ليكون أول تعديل على حكومة حسان منذ تشكيلها في سبتمبر/أيلول الماضي، وذلك في توقيت حساس داخليًا وإقليميًا.
وبحسب ما أوردته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا)، فإن التعديل سيشمل نحو ثلث الفريق الوزاري، بما يعادل 10 إلى 11 حقيبة وزارية، وقد يمتد ليطال نصف "فريق التحديث" المسؤول عن تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، التي تُعدّ من أبرز أولويات الحكومة الحالية.
ورغم أن الإعلان لم يتضمن أسماء محددة، إلا أنه ألمح إلى أن التعديل "يستهدف رفد الفريق الوزاري بقدرات جديدة تبني على ما أُنجز وتواكب سرعة تنفيذ مشاريع التحديث"، ما اعتبره مراقبون مؤشرًا على توجه الحكومة نحو ضخ دماء جديدة في وزارات مرتبطة بالإصلاحات الاقتصادية والإدارية.
ويرى محللون أن الإعلان المسبق للتعديل يحمل دلالات على رغبة الحكومة في ضبط المشهد السياسي وقطع الطريق أمام الشائعات التي انتشرت في الآونة الأخيرة في الأوساط السياسية والإعلامية، كما يُظهر مستوى غير معتاد من الشفافية في التعامل مع الملفات الحساسة.
ويمثل هذا التعديل اختبارًا سياسيًا لرئيس الوزراء جعفر حسان، الذي تولّى منصبه خلفًا لبشر الخصاونة، أطول رؤساء الحكومات بقاءً في تاريخ المملكة، حيث يواجه حسان تحديات داخلية متعددة، تشمل إنعاش الاقتصاد، وتقليص البطالة، وتحقيق وعود التنمية في المحافظات، بالتوازي مع الالتزامات المرتبطة بمسارات التحديث الثلاثة: السياسي، والاقتصادي، والإداري، التي أطلقها الملك عبدالله الثاني عام 2021.
وشهدت حكومة حسان منذ تشكيلها توجهًا واضحًا نحو العمل الميداني، مع عقد جلسات وزارية في المحافظات تتخللها قرارات تنموية، في محاولة لتطبيق مبادئ اللامركزية وتعزيز التنمية المحلية، وهو نهج لقي استحسانًا في بعض الأوساط، لكنه واجه تحديات في التنفيذ.
كما يأتي هذا التعديل في لحظة إقليمية معقّدة، تتزامن مع تصاعد الأزمات على حدود الأردن الشمالية مع سوريا، بسبب عمليات تهريب المخدرات، فضلًا عن تداعيات الحرب المستمرة في غزة، والضغوط السياسية المرتبطة بملاحقة جماعة الإخوان المسلمين المحظورة ومؤسساتها، والتي تشهد توسعًا ملحوظًا على الصعيد القانوني والقضائي.
في هذا السياق، عبّر مراقبون ونشطاء عن أملهم بأن لا يكون التعديل " قائمًا على السير الذاتية فقط"، وفق ما نشرته النائب السابقة تمام الرياطي، بينما وصف الصحفي سمير الحياري خطوة الإعلان المسبق بأنها "إيجابية وشفافة"، في إشارة إلى بداية جديدة في تعاطي الحكومة مع الرأي العام.
ويرى مراقبون أن نجاح التعديل الوزاري المرتقب يتوقف على مدى قدرته على إحداث نقلة نوعية في الأداء التنفيذي، وتفعيل ملفات التحديث التي تراهن عليها الدولة للخروج من أزماتها، لا سيما أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة في تنفيذ خطة التحديث الاقتصادي للسنوات 2025 – 2027، وسط ترقّب شعبي ونيابي حذر لنتائج هذا التغيير.