في تحذير صارخ، وجه شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في سوريا، حمود الحناوي، انتقادات لاذعة إلى الحكومة السورية في دمشق، واصفًا إياها بأنها "حكومة الغدر" التي نقضت كل المواثيق، وطالَب المجتمع الدولي والدول والمنظمات الإنسانية بـ"تحمل مسؤولياتهم فورًا" والعمل على رفع الحصار الجائر عن محافظة السويداء التي تعيش تحت وطأة أزمة إنسانية خانقة.
وفي تسجيل مصور نشره مؤخرًا، عبّر الحناوي عن استيائه الشديد من ما وصفه بالصمت العربي الرسمي والتعتيم الإعلامي، الذي يرافق المعاناة الحقيقية لأبناء طائفته في السويداء. وأضاف: "ابتلينا بسلطة ومن معها لا عهد لهم ولا ذمة، سلطة باعت الوطن في سوق المساومات، فطعنت أهله قبل أن تطعن حدوده".
هذه الكلمات القاسية تُلخص الأزمة الحادة التي تعيشها المحافظة، التي يعاني أهلها من نقص حاد في الغذاء والدواء وسط حصار يفاقم من معاناة السكان.
وأشار شيخ العقل إلى أن المحافظة، رغم هذا الحصار "الجائر"، "ستبقى
صامدة" بفضل تماسك أهلها، داعيًا إياهم إلى التكاتف ومشاركة الموارد، قائلاً: "اقتسام رغيف الخبز واجب في هذه المحنة". لكنه لم يخف استغرابه مما وصفه "بالصمت الرسمي العربي والتعتيم الإعلامي على ما يجري في السويداء، وطمس الحقائق، والاستهداف المتعمد لأبناء الطائفة".
تقع محافظة السويداء جنوب سوريا، وتعتبر موطنًا رئيسيًا للطائفة الدرزية، التي لطالما كانت تتمتع بخصوصية اجتماعية وسياسية داخل النسيج السوري المتنوع. منذ اندلاع النزاع السوري عام 2011، شهدت المحافظة توترات متزايدة، مع محاولة الحكومة فرض السيطرة الكاملة على مناطقها، وتعقيد الأوضاع الأمنية والاقتصادية.
في الأشهر الأخيرة، ازدادت حدة الحصار على السويداء، بعد تجدد الاشتباكات بين قوات النظام وعناصر مسلحة محلية، مما أدى إلى نقص في المواد الأساسية وارتفاع في معدلات الفقر والبطالة. الحصار المفروض أدى إلى عزل المحافظة عن بقية المناطق، ومنع دخول المساعدات الإنسانية بشكل منتظم.
كما أدت الانقسامات السياسية والطائفية في سوريا إلى تهميش قضايا مثل قضية السويداء، والتي لم تحظ بالاهتمام الدولي والإقليمي اللازم، في ظل انشغال القوى الكبرى والصغرى في البلاد بأزمات اخري.
حتى الآن، لم يصدر عن الحكومة السورية أي رد رسمي مباشر على تصريحات شيخ عقل الموحدين الدروز حمود الحناوي، لكنها تواصل تأكيد موقفها بأن المحافظة جزء لا يتجزأ من سوريا وأنها تسعى لاستعادة الأمن والاستقرار فيها.
من جانبها، أبدت بعض المنظمات الإنسانية الدولية، مثل الصليب الأحمر واللجنة الدولية للإنقاذ، قلقها إزاء تدهور الوضع الإنساني في السويداء، ودعت إلى رفع الحصار وفتح ممرات آمنة لوصول المساعدات، لكنها تواجه قيودًا من السلطات السورية والميليشيات المحلية.
الدول العربية، رغم القرب الجغرافي والسياسي، ما تزال تتعامل مع قضية السويداء بحذر، متجنبة التصريحات العلنية أو التدخل المباشر، في ظل الأوضاع الإقليمية المعقدة والتوازنات السياسية المتشابكة في سوريا والمنطقة.