رفات كرم الزيتون تكشف مجازر حمص

حمص _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.10 - 11:26
Facebook Share
طباعة

في مشهد مؤلم واستثنائي بعد أكثر من 13 عاماً على وقوع المجازر الدامية في مدينة حمص، عثر أحد سكان حي كرم الزيتون أثناء عمله على إزالة أنقاض منزله على رفات بشرية مدفونة تحت الأنقاض. الجمجمتان المعصوبتان والعظام المحاطة بالأربطة، وأيضًا بقايا عظام طفل مخترقة برصاص، أعادت إلى الأذهان وحشية المجازر التي شهدتها المدينة خلال بدايات النزاع السوري في عام 2012، لا سيما في أحياء كرم الزيتون، الرفاعي، والعدوية.

وفقًا لما نقله عبد القادر عبدو، مدير مركز البحث عن المفقودين والعدالة الانتقالية في الدفاع المدني، فإن فرق الدفاع المدني تدخلت فور تلقيها البلاغات، وتم التنسيق مع الجهات الأمنية لاستخراج رفات ثلاثة أشخاص مجهولي الهوية من موقع الحادث. وتم نقل الرفات إلى الطب الشرعي لتحديد هويات الضحايا، مع توقعات بأنهم من ضحايا مجازر النظام السوري في تلك الفترة.

حي كرم الزيتون، الذي كان من أوائل المناطق التي شهدت احتجاجات شعبية ضد نظام بشار الأسد، تعرض لحملة وحشية من القصف والاعتقالات والقتل المنظم. حسب شهادات الباحثة خولة حسن الحديد، فقد شهد الحي حصارًا واعتداءات من قوات النظام ومليشيات مسلحة موالية له، وصلت إلى إعدام ميداني في المنازل، حيث تم فصل الرجال عن النساء والأطفال وتنفيذ عمليات قتل ممنهجة، وحرق الجثث، بالإضافة إلى عمليات خطف استهدفت النساء والأطفال على نحو خاص. واستمرت هذه الانتهاكات حتى منتصف مارس 2012، ثم انتقلت إلى أحياء أخرى في حمص.

في تقرير لشبكة حقوق الإنسان السورية صدر في ذات الفترة، وثقت الشبكة أكثر من 80 قتيلًا في حمص، منهم عدد كبير من الأطفال، وكانت المجازر في كرم الزيتون هي الأشد وحشية، إذ سقط 42 قتيلًا بينهم 8 أطفال خلال ثلاثة أيام فقط. تأتي هذه المجازر في سياق استخدام النظام السوري للعنف المفرط لقمع الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في 2011، مع تجاهل تام للمعايير الإنسانية والقرارات الدولية التي طالبت بوقف القتل وحماية المدنيين.

تؤكد هذه الاكتشافات الجديدة تحت أنقاض المنازل المدمرة أن صفحات الظلم والتنكيل التي كتبت في حمص لا تزال مفتوحة، وأن مآسي آلاف الضحايا ما زالت تذكرنا بضرورة محاسبة المسؤولين وتقديم العدالة للضحايا وعائلاتهم. كما أنها تبرز تحديات البحث عن الحقيقة في بيئة مليئة بالدمار والخراب، حيث ما زالت أعداد المفقودين كبيرة، والأمل في الكشف عن مصيرهم مرهون بمزيد من الجهود الميدانية والحقوقية.

في ضوء هذه الحقائق، فإن مجازر كرم الزيتون لا تقتصر على كونها فصولًا من العنف الدموي، بل تمثل تذكيرًا مريرًا بمدى تكلفة الصراعات الداخلية على المدنيين، وأهمية التزام المجتمع الدولي بالوقوف ضد جرائم الحرب والإبادة، والعمل على إرساء أسس العدالة والمصالحة التي قد تقود سوريا إلى مستقبل أكثر أمانًا واستقرارًا. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 10