خطوة تكتسب أهمية استراتيجية وإنسانية، تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى التوسط لإقامة ممر إنساني بين إسرائيل ومدينة السويداء جنوب سوريا، وذلك بهدف إيصال المساعدات للمجتمع الدرزي المتضرر من الاشتباكات الأخيرة.
ووفق "موقع أكسيوس" تأتي المبادرة في ظل توتر أمني مستمر في المنطقة ووسط مخاوف دولية من تفاقم الأوضاع الإنسانية بسبب الحواجز الأمنية وانعدام الاستقرار.
تُعتبر السويداء المعقل الرئيسي للأقلية الدرزية في سوريا، وقد شهدت مواجهات دامية بين مقاتلين دروز وبدو أسفرت عن سقوط مئات القتلى وتشريد عشرات الآلاف.
المبادرة الأميركية في سياق محاولات لاحتواء التصعيد وتحسين الأوضاع الإنسانية في المنطقة التي لا تزال تشهد هشاشة سياسية وأمنية. إسرائيل، التي تضم جالية درزية ذات تأثير سياسي، تؤكد التزامها بحماية هذه الأقلية، وقد قامت في السابق بإيصال المساعدات عبر الأردن، قبل أن ترفض عمان ذلك، مما دفع القوات الإسرائيلية إلى إلقاء المساعدات جوًا.
رغم التعاون الأميركي الإسرائيلي الظاهر، تبدي الحكومة السورية مخاوف من استغلال الممر الجديد لتهريب الأسلحة بواسطة الميليشيات الدرزية، مما يعقد الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إعادة إحياء العلاقات بين دمشق وتل أبيب بعد انقطاع دام 25 عامًا. من المرتقب أن يعقد المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم باراك، اجتماعًا في باريس مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي ووزير الخارجية السوري في محاولة للوصول إلى اتفاق يقود إلى استقرار الوضع ويُسهل وصول المساعدات.
هذا التحرك يعكس أبعادًا متعددة، إذ لا يقتصر على الجانب الإنساني، بل يحمل في طياته إمكانات لإعادة الزخم إلى المساعي الأميركية الرامية إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وسوريا، ما قد يغير ملامح الصراع في المنطقة. في الوقت ذاته، يسلط الضوء على التحديات الأمنية والسياسية التي تعترض مثل هذه المبادرات، خصوصًا في ظل الوضع المتقلب في سوريا والاشتباكات المستمرة التي تهدد استقرار المنطقة برمتها.
المجتمع الدولي يراقب هذه التطورات عن كثب، حيث تمثل السويداء نقطة حساسة في التحولات السورية، وأي فشل في تأمين ممر إنساني آمن قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل أكبر.
في المقابل، قد يفتح هذا الاتفاق آفاقًا جديدة للتعاون الإقليمي والدولي، شرط أن تتم معالجة المخاوف الأمنية بطريقة تراعي مصالح جميع الأطراف المعنية وتحترم سيادة الدول ومصالح سكان المناطق المتضررة.
هذا التوازن الدقيق بين البُعد الإنساني والاستراتيجي يجعل من الممر الإنساني المقترح اختبارًا حقيقيًا لقدرة المجتمع الدولي والإقليمي على تجاوز العقبات السياسية وتحقيق تقدم ملموس في أزمة معقدة تستنزف حياة المدنيين وتعمق من معاناة المجتمعات المحلية.