أعلنت دمشق تشكيل مجموعة عمل ثلاثية تضم سوريا والأردن والولايات المتحدة، بهدف دعم جهود تثبيت وقف إطلاق النار في محافظة السويداء جنوبي البلاد، وإنهاء الأزمة التي تشهدها المنطقة منذ أسابيع.
الإعلان جاء عقب اجتماع جمع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس براك، حيث تم التوصل إلى بيان مشترك رحب فيه الأطراف الثلاثة بالخطوات التي باشرتها الحكومة السورية لمعالجة تداعيات الأحداث الأخيرة في السويداء.
خطوات عملية لتعزيز الاستقرار
البيان الثلاثي أوضح أن الحكومة السورية تعهدت بعدة إجراءات، أبرزها فتح تحقيقات شاملة ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات، والتعاون مع هيئات الأمم المتحدة في هذا المسار. كما تضمن الالتزام بزيادة تدفق المساعدات الإنسانية لكل مناطق المحافظة، واستعادة الخدمات الأساسية التي تعطلت نتيجة المواجهات، وبدء عمليات إعادة التأهيل للمناطق المتضررة.
كذلك شملت الخطة إطلاق مسار للمصالحات المجتمعية وتعزيز السلم الأهلي، إلى جانب دعم جهود عودة النازحين إلى مناطقهم، والترحيب بأي مساهمات دولية تساند هذه المساعي. وشدد المجتمعون على أن السويداء جزء لا يتجزأ من سوريا، وأن حقوق سكانها وتمثيلهم السياسي يجب أن تكون مضمونة في إطار بناء مستقبل البلاد.
امتداد لمباحثات سابقة
هذا الاجتماع جاء استكمالاً للمحادثات التي استضافتها العاصمة الأردنية عمان في 19 تموز الماضي، والتي أفضت إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة السورية والفصائل المحلية في السويداء. وكانت تقارير إعلامية قد أشارت مؤخراً إلى تحضيرات لجولة مفاوضات جديدة في عمان بين الحكومة وممثلين عن الطائفة الدرزية، غير أن البيان الرسمي لم يتطرق إلى هذه التفاصيل.
الدور الأردني والأمريكي
الأردن لعب دوراً محورياً في تثبيت وقف إطلاق النار، إذ عقدت لقاءات ثنائية وثلاثية مع الجانب الأمريكي لمتابعة التطورات، خاصة بعد موجة العنف التي اجتاحت السويداء منتصف تموز. وأسفرت تلك الأحداث عن سقوط أكثر من ألف قتيل، وفق تقديرات منظمات حقوقية، في ظل تورط أطراف متعددة شملت فصائل محلية وقوات حكومية ومجموعات عشائرية، إضافة إلى تدخلات خارجية زادت المشهد تعقيداً.
تحولات في المواقف المحلية
الأحداث الأخيرة في السويداء كشفت عن تغير في مواقف بعض القيادات الدينية للطائفة الدرزية. فقد انتقل الشيخان يوسف الجربوع وحمود الحناوي من نهج وسطي مهادن إلى موقف أكثر تقارباً مع الشيخ حكمت الهجري، المعروف بانتقاداته للحكومة. هذه التحولات السياسية والمجتمعية تعكس حجم الانقسام داخل المحافظة، وتعقّد مسار أي تسوية.
تحديات أمام السلام
رغم الزخم الدبلوماسي، يبقى تثبيت الاستقرار في السويداء مهمة شاقة، في ظل استمرار حالة الاحتقان ووجود قوى محلية وإقليمية ذات مصالح متعارضة. فنجاح المبادرة الثلاثية يتطلب خطوات ملموسة على الأرض، تبدأ بوقف شامل لإطلاق النار، وضمان وصول المساعدات دون عراقيل، ومعالجة جذور التوترات السياسية والاجتماعية.
وبينما يتطلع سكان السويداء إلى نهاية دائمة لدائرة العنف، تبقى أعينهم معلقة على نتائج هذا التحالف الثلاثي، وما إذا كان قادراً على تحويل الوعود إلى واقع يحقق الأمن والاستقرار في المحافظة ويعيد دمجها في المشهد الوطني السوري.