شهدت مدينة جبلة جنوبي اللاذقية تصاعداً كبيراً في جرائم السرقة خلال الأيام الأخيرة، حيث انتشرت سرقات مسلحة وجرائم تخريب في وضح النهار، ما أثار قلق السكان ومطالبهم بتكثيف الدوريات الأمنية وتفعيل المخفر الشمالي المتوقف منذ سنوات.
بدأت الحوادث الأخيرة بواقعة لافتة في الضاحية الشمالية، حيث رصد الأهالي مسلحين يستقلون عربة صغيرة ويقطعون أسلاك الكهرباء والمحولات العامة. وعلى الرغم من محاولات السكان التدخل، هدد المهاجمون بإطلاق النار لمنع أي مقاومة. وفي أماكن أخرى من المدينة، شنت عصابات تخريب واسعة لسور كورنيش جبلة الحديدي وبيعه كمخلفات خردة، إلى جانب سرقات مستمرة للكابلات الكهربائية ومضخات المياه وكسر السيارات.
وكانت أبرز حادثة أثارت غضب المواطنين هي سرقة متجر ذهب في سوق المدينة على يد مسلحين متنكرين بزي الأمن الداخلي واستعملوا سيارة تحمل شعار الجهاز. فقد اقتحم اللصوص المتجر صباحاً، قيدوا صاحب المحل وابنه، ونهبوا نحو أربعة كيلوغرامات من الذهب، قبل أن يغادروا المكان دون أي اعتراض من الدوريات المحلية. هذه الواقعة كشفت ثغرة كبيرة في الرقابة الأمنية وأدت إلى موجة من الاستياء الشعبي تجاه أداء الأجهزة المعنية.
أهالي جبلة يرون أن الوضع الراهن يعكس فشل النظام الأمني في حماية المدينة، خاصة مع غياب المخفر الشمالي الذي يترك الحي الشمالي عرضة للسرقات الليلية والنهارية على حد سواء. يقول سكان إن المخفر الجنوبي وحده لا يكفي لتغطية كامل المدينة التي يزيد تعداد سكانها عن 150 ألف نسمة، ولا يتيح مراقبة كل الأحياء المتضررة.
تحليل الوضع يشير إلى عدة عوامل تتداخل في تفاقم الأزمة الأمنية: أولها ضعف التنسيق بين الدوريات والمخافر، وثانيها انتشار محلات خردة تشتري المسروقات، مما يشجع العصابات على الاستمرار. ثالثاً، غياب استراتيجية أمنية واضحة لمكافحة سرقات الكابلات والحديد والخدمات العامة، ما يؤدي إلى تعطيل الخدمات ويزيد شعور المواطنين بعدم الأمان.
نتائج هذه الفوضى تتجاوز الجانب المادي لتطال حياة الناس اليومية. فقد تحول أهالي جبلة إلى إغلاق متاجرهم مبكراً وتجنب السهر في الحدائق العامة، بينما تقلل الحركة التجارية والخدمية بسبب الخوف من التعرض للسرقة أو التخريب. كما أن استمرار هذه الظاهرة يضعف الثقة بالجهاز الأمني، ويطرح تساؤلات حول فعالية وزارة الداخلية في تطبيق القوانين وحماية الممتلكات العامة والخاصة.
الحلول المقترحة تشمل تفعيل المخفر الشمالي وتوزيع الدوريات على مدار الساعة، بالإضافة إلى حملات تفتيش ومداهمة لمحلات الخردة ومراقبة التعامل مع المسروقات. كما يوصى بإعادة تقييم خطط الأمن في المدينة، ووضع آلية للتعاون المباشر مع السكان للإبلاغ عن الجرائم فور وقوعها، ما قد يحد من نشاط العصابات ويعيد شعور الأمان إلى جبلة.
في النهاية، فإن جبلة تواجه اختباراً حقيقياً في قدرتها على ضبط الأمن وإعادة الثقة بين المواطنين والجهات المعنية، فالأمن ليس مجرد دوريات بل استراتيجية شاملة تحمي أرواح الناس وممتلكاتهم.