استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع، الثلاثاء، وفدًا رفيع المستوى من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين، في لقاء نادر يشير إلى تفتح دمشق ولو جزئيًا على قنوات الحوار مع واشنطن بعد سنوات من القطيعة والتوترات العميقة. وذكرت وكالة "سانا" أن اللقاء حضره وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الداخلية أنس خطاب، دون الكشف عن مضمون المباحثات أو الملفات المطروحة.
الوفد ضم السيناتور ماركواين مولين والسيناتور جوني إرنست من مجلس الشيوخ، وعضوي مجلس النواب جايسون سميث وجيمي بانيتا، وهو تشكيل يجمع بين التوجهات المختلفة داخل الكونغرس، ما يتيح قراءة الرسالة المزدوجة: اهتمام بمستقبل العلاقة الثنائية مع سوريا، مع الحفاظ على توازن سياسي داخلي في الولايات المتحدة.
زيارة الوفد تأتي بعد جولة إقليمية شملت الأردن، حيث التقى الوفد الملك عبد الله الثاني، الذي شدد على متانة الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة ودور واشنطن في تعزيز الاستقرار الإقليمي، ما يعكس حرص الإدارة الأمريكية على ربط أي حوار مع دمشق بإطار أوسع يشمل حلفاء واشنطن في المنطقة.
دلالات اللقاء السورية
من منظور دمشق، يستحضر اللقاء عدة أهداف استراتيجية:
تخفيف الضغوط الغربية: اللقاء يشكل فرصة لعرض موقف سوريا مباشرة أمام مسؤولين أمريكيين، خصوصًا فيما يتعلق بالسيادة ووحدة الأراضي.
رسائل داخلية وإقليمية: إظهار قدرة الحكومة على إعادة فتح قنوات دبلوماسية مع واشنطن يعزز موقعها أمام الحلفاء الإقليميين ويعكس انفتاحًا محسوبًا.
تقييم العقوبات وملفات الأمن: رغم عدم الإعلان الرسمي، قد تكون الأجندة تركز على تقييم العقوبات الأمريكية وتأثيرها على الاقتصاد وإمكانية التعاون في مكافحة الإرهاب والمجموعات المسلحة.
الأبعاد الأمريكية
من منظور واشنطن، اللقاء يمثل فرصة لمراجعة سياسات الضغط المستمر على سوريا بعد سنوات من التوتر، ولفهم موقف دمشق تجاه قضايا حساسة مثل:
الوجود الإيراني والروسي في سوريا وتأثيره على الأمن الإقليمي.
ملف اللاجئين والمساعدات الإنسانية في سياق استقرار المنطقة.
تسوية الملفات الأمنية مع الحلفاء الإقليميين، لا سيما الأردن ولبنان.
زيارة وفد الكونغرس تشير إلى احتمالية تحولات تدريجية في العلاقة الثنائية، لكنها ليست بالضرورة مؤشرًا على انفراج كامل:
إشارة رمزية قوية: مجرد اللقاء بعد عقد من القطيعة يحمل رسائل سياسية لكل الأطراف، لكنه لا يعني أي اتفاق ملموس على المستوى التنفيذي.
اختبار المواقف: واشنطن تقيس من خلال الوفد رد فعل دمشق على مقترحات التعاون المحدود، بينما سوريا تختبر استعداد الكونغرس لمرونة سياسية تجاهها.
ربط الحوار بالإقليم: الأردن كمحطة سابقة في الجولة يظهر أن واشنطن تراهن على وساطة حلفائها قبل أي خطوات عملية مع دمشق.
كانت العلاقات السورية الأمريكية منذ 2011 محكومة بالتوتر والعقوبات، مع غياب أي قنوات رسمية رفيعة المستوى. زيارة الوفد الأمريكي هي الأولى من نوعها منذ سنوات، وتأتي في وقت تحاول دمشق تعزيز صورتها أمام المجتمع الدولي، واستعادة بعض النفوذ الإقليمي.
المستقبل القريب قد يشهد:
اجتماعات متابعة بين دمشق وواشنطن على مستوى دبلوماسي أقل رسمية.
استمرار تقييم واشنطن لعقوبات سوريا وربط أي تخفيف بالمواقف السورية تجاه الحلفاء الإقليميين.
مراقبة المنطقة للتأثير على ملفات الأمن والاستقرار، خصوصًا في ضوء الصراعات المحيطة.