أحداث السويداء: تحقيقات ومحاسبة منتظرة

سامر الخطيب

2025.09.03 - 11:40
Facebook Share
طباعة

شهدت محافظة السويداء منتصف يوليو الماضي موجة من الأحداث الأمنية والنزاعات العشائرية، أسفرت عن وقوع إصابات ومقتل عشرات المدنيين، وسط اتهامات متبادلة بين مختلف الأطراف المحلية والقوات الحكومية. وقد أثار تقرير لمنظمة العفو الدولية جدلاً واسعًا، بعد اتهام بعض العناصر الحكومية بتنفيذ عمليات إعدام خارج نطاق القضاء.


رد الحكومة
اللجنة الوطنية للتحقيق في أحداث السويداء وصفت التقرير بأنه "مجتزأ" ويركز على الانتهاكات من طرف واحد فقط، مشددة على أنها تعمل بحيادية تجاه جميع مكونات المجتمع السوري. وأكدت اللجنة أن التحقيقات تشمل استجواب جميع المشتبه بهم، ومراجعة كل الأدلة المتاحة، وأن الإجراءات القانونية متواصلة بحق كل من يثبت تورطه في أي انتهاكات، بما في ذلك عناصر القوات الحكومية أو المتعاونين المحليين. كما شددت الحكومة على أهمية تقديم أي أدلة موثقة للانتهاكات إلى اللجنة لضمان مساءلة المخالفين وحماية المدنيين.


أحدث التطورات أظهرت أن اللجنة تمكنت من اعتقال عدد من المشتبه بهم، استنادًا إلى المواد المصورة المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى إجراء مقابلات مع شخصيات محلية بارزة لفهم سياق الأحداث بالكامل. وأكدت اللجنة أن التحقيقات ستشمل محاكمة المتورطين علنًا، مع نشر قوائم بأسماء المشتبه بهم بعد انتهاء التحقيقات لضمان الشفافية ومساءلة الجميع.


أبرز نقاط تقرير المنظمة
التقرير الحقوقي الدولي أفاد بأن مقاطع فيديو وصور أظهرت رجالاً مسلحين يرتدون زيًا عسكريًا أو مدنيًا يحمل شارات ذات طابع أمني، وهم يقتلون مدنيين في أماكن عامة وخاصة، بما في ذلك مدارس ومساكن. كما وثق التقرير عمليات اختطاف متبادلة بين جماعات درزية مسلحة ومقاتلين من العشائر البدوية، إضافة إلى اعتداءات على رجال دين وعناصر مدنية بطريقة مهينة. وأشار التقرير إلى أن الإعدامات تم تنفيذها في الفترة بين 15 و16 يوليو، شملت 46 شخصًا من الطائفة الدرزية، مع توثيق عمليات إعدام وهمي لشخصين كبيرين في السن، فضلاً عن تعرض العاملين المدنيين والصحيين للتهديد والقتل.


إجراءات التحقيق والمحاسبة
الحكومة أكدت أنها تقوم بمحاسبة العناصر غير المنضبطين، سواء من القوات النظامية أو من المتعاونين المحليين، لضمان احترام القانون ومنع تكرار الانتهاكات. لجنة التحقيق تستمر في مراجعة المقاطع المصورة والوثائق المتعلقة بالحادث، واستجواب جميع المشتبه بهم، تمهيدًا لإحالتهم إلى القضاء وفق القوانين الوطنية.


كما شددت السلطات على أن التحقيقات تشمل جميع الأطراف، بما في ذلك فصائل محلية شاركت في الاشتباكات أو ردود الفعل الانتقامية، في محاولة لوضع حد للتجاوزات وضمان محاسبة جميع المسؤولين عن أي اعتداءات على المدنيين.


تحليل الوضع العام
الحالة في السويداء تعكس تحديات أوسع في مناطق سورية أخرى بعد سنوات الحرب، حيث لا تزال النزاعات العشائرية والتوترات الطائفية تتداخل مع الجهود الحكومية للحفاظ على الأمن والاستقرار. ويبدو أن معالجة هذه الأزمة تتطلب استراتيجية شاملة تشمل العدالة المجتمعية، تعزيز سلطة القانون، وتحسين التواصل بين السلطات والمواطنين.


في الختام، يبقى السؤال حول قدرة الحكومة على معالجة الانتهاكات وضمان حقوق جميع المواطنين دون استثناء، مع تحقيق توازن بين فرض القانون ومحاسبة المخالفين، ومعالجة الأسباب الاجتماعية والسياسية التي تؤدي إلى مثل هذه الأزمات.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 7