أطفال لبنان في مواجهة الإدمان الرقمي: الهوية تضيع خلف الشاشات

2025.10.23 - 05:14
Facebook Share
طباعة

لم تعد الطفولة كما كانت قبل عقدٍ من الزمن. فالملاعب أصبحت شاشات، والرفاق صاروا "أصدقاء افتراضيين"، والضحكات تختبئ خلف رموز تعبيريّة صغيرة يعيش الأطفال اليوم داخل عالم رقميّ يسبق أعمارهم، عالمٌ لا يعرف حدودًا، يتسلّل إلى تفاصيل حياتهم اليومية من دون رقيب، ويُعيد تشكيل وعيهم وسلوكهم وقيمهم.
في المقابل، يقف المربّون والأهل أمام تحدٍّ معقّد: كيف يمكن احتواء هذا الزحف التكنولوجي الذي جعل من الهاتف الذكي امتدادًا لعقل الطفل وحياته اليومية؟

القنبلة الموقوتة: محتوى بلا ضوابط

الهواتف الذكية يمكن أن تصل الأطفال بمحتوى إباحي أو عنيف أو إجرامي، ناهيك عن الألفاظ البذيئة والسلوكيات اللاأخلاقية، فضلًا عن ظاهرة الابتزاز الإلكتروني التي باتت تتزايد بشكل ملفت.

على من تقع المسؤولية؟

تطرح الأسئلة حول المسؤولية بين الأهل والمدرسة والمجتمع المحيط، في وقت يعتبر فيه التفاعل الاجتماعي حجر الأساس في بناء شخصية الطفل فالعلاقات الواقعية مع الأسرة والرفاق والمحيطين أساسية لتنمية التفكير والمهارات الاجتماعية، فيما العالم الرقمي يفتح مجالًا واسعًا لكنه محفوف بالمخاطر.

العالم الافتراضي: الخطر الجديد

العالم الافتراضي يشكل خطرًا كبيرًا لأنه مفتوح بالكامل، والطفل قاصر وغير قادر على التمييز بين المحتوى الإيجابي والسلبي هذا الانفتاح المفرط يترك الأطفال عرضة لمؤثرات يصعب ضبطها، وتؤدي أحيانًا إلى تغيّر سلوكهم ونمط حياتهم بشكل تدريجي.

تداعيات نفسية وتربوية خطيرة:

وفق لاخصائيين علم النفس الاجتماعي فإن الإدمان على وسائل التواصل يؤدي إلى اضطرابات في التركيز والانتباه، وتراجع التحصيل الدراسي، وصعوبة إدارة الوقت. كما يُضعف قدرة الطفل على التواصل الواقعي ويزيد من حالات الانعزال والانطواء، ويؤثر سلبًا على التوازن النفسي والاجتماعي.

التأثيرات الإيجابية أيضًا موجودة:

رغم المخاطر، توفر وسائل التواصل فرصًا لتعزيز التواصل بين الأطفال والأصدقاء والعائلة، وتساعد على التعبير عن الذات، واكتساب المعلومات، وتطوير مهارات التعلم الذاتي، إذا ما تم استخدامها بطريقة مسؤولة ومراقبة.

المسؤولية المشتركة: الأهل والمدرسة والمجتمع

المسؤولية موزعة بين الأهل والمدرسة والمجتمع. الأهل مطالبون بتوجيه الأبناء ومراقبتهم، والمدارس مدعوة لتضمين برامج للتربية الرقمية في المناهج، والمجتمع مسؤول عن خلق بيئة داعمة تحصن الأطفال من الانغماس في الإدمان الرقمي.

البحث عن هوية رقمية:

الأطفال الذين لا يشعرون بالقيمة في محيطهم الواقعي يسعون إلى بناء "هوية رقمية مثالية"، ما يجعلهم يبتعدون تدريجيًا عن ذواتهم الحقيقية. الحوار الأسري حول الفارق بين العالم الواقعي والافتراضي يصبح هنا عنصرًا حيويًا لتقوية الثقة بالنفس.

التربية الإعلامية الرقمية: ضرورة لا خيار

يعد التوعية بالإعلام الرقمي والتربية الرقمية ضرورة ملحة، مع تشجيع الأنشطة الواقعية التي تعزز المهارات الاجتماعية والتواصلية، وتوازن بين الحياة الواقعية والعالم الافتراضي.

نحو تربية رقمية واعية:

الحل يكمن في تربية رقمية واعية تنمّي حس التمييز والمسؤولية لدى الطفل، وتخلق بيئة آمنة تحدّ من الإدمان، وتعزز التوازن بين العالم الواقعي والافتراضي، مع تعاون جميع الأطراف: الأهل والمدرسة والمجتمع. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 4