الكهرباء تشعل الغضب الشعبي في دمشق

2025.11.01 - 06:32
Facebook Share
طباعة

 تتزايد موجات الغضب الشعبي في مختلف المناطق السورية بعد قرار الحكومة الانتقالية رفع سعر الكهرباء، في خطوة وُصفت بأنها "نكسة مبكرة" لثقة المواطنين في السلطة الجديدة التي وعدت بإصلاح اقتصادي يخفف الأعباء لا أن يضاعفها.

فمنذ الساعات الأولى لإعلان القرار، ضجّت صفحات السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي بانتقادات لاذعة، عبّر من خلالها مواطنون عن شعورهم بالخديعة، معتبرين أن الحكومة أعادت إنتاج ممارسات الماضي بأسلوب جديد، وبحجج أكثر “حداثة”.


صدمة الشارع واتهامات بالتنصل
يرى كثيرون أن توقيت القرار يعكس تجاهلاً واضحًا للواقع المعيشي المتدهور، حيث يعيش غالبية السوريين على حد الكفاف، ويكافحون لتأمين احتياجاتهم الأساسية من غذاء ودواء ومحروقات.
وقد وصف بعض النشطاء القرار بأنه “طعنة في ظهر الناس” خصوصًا بعد سلسلة من التصريحات الحكومية التي وعدت بتحسين ساعات التغذية الكهربائية وتخفيض الأسعار تدريجيًا.

كما وجّهت أصوات غاضبة اتهامات مباشرة للحكومة الانتقالية بالتنصل من وعودها، واتباع ذات السياسات المالية التي كانت تنتهجها الحكومات السابقة، والمتمثلة بتحميل المواطن أعباء الإصلاح الاقتصادي بدلًا من إصلاح بنية الفساد والهدر في مؤسسات الدولة.


تبريرات رسمية زادت من الغضب
لم يكن تصريح وزير الكهرباء كافيًا لتهدئة الشارع، بل جاء ليزيد من حدة الجدل.
فحين قال الوزير إن “النظام السابق كان يمنح المواطنين كهرباء رخيصة ليغطي على سرقة المليارات”، رأى كثيرون في تصريحه محاولة غير موفقة لتبرير قرارٍ موجع، مشيرين إلى أن “الحكومة الجديدة اختارت الطريق الأسهل — جباية من الفقير بدلًا من محاسبة الفاسدين”.

وأثار تصريح آخر لمدير مالي في الوزارة موجة من السخرية، بعدما أعلن أنه “سيقطع الكهرباء عن القصر الجمهوري في حال عدم تسديد الفواتير”، في ما وصفه ناشطون بأنه “مسرحية لفظية” هدفها إظهار المساواة أمام القانون، رغم أن مؤسسات الدولة العليا تعتمد منذ سنوات على أنظمة طاقة بديلة ولا تتأثر فعليًا بقرارات القطع أو التسعير.


المواطن بين فواتير مرتفعة وجيوب فارغة
في الأسواق، ارتفعت أسعار السلع والخدمات خلال أيام فقط من رفع التعرفة الجديدة، نظرًا لاعتماد معظم المهن على الكهرباء في الإنتاج والتخزين.
ويقول أحد سكان ريف دمشق: “لم نكن قادرين على دفع فواتير الكهرباء حتى في عهد النظام السابق، فكيف اليوم بعد أن تضاعفت الأسعار ثلاث مرات؟”

يترافق هذا الغلاء مع غياب فرص العمل واستمرار البطالة، إضافة إلى قرارات فصل جماعية طالت آلاف الموظفين على خلفيات طائفية أو سياسية، ما زاد من شعور شريحة واسعة من السوريين بأن الحكومة الانتقالية تسير في طريق لا يختلف كثيرًا عن سابقيها.


الشرعية على المحك
يرى مراقبون أن قرارات من هذا النوع تمثل اختبارًا سياسيًا قبل أن تكون اقتصاديًا، فالحكومة الانتقالية التي جاءت على أنقاض نظامٍ انهار بفعل الغضب الشعبي، تبدو اليوم مهددة بتكرار ذات السيناريو إن استمرت في نهج القرارات الارتجالية.
فبدل أن تكون الكهرباء رمزًا لاستعادة الدولة لخدماتها، أصبحت عنوانًا لخيبة جديدة.

ويحذر خبراء اقتصاد من أن هذه الزيادة قد تشعل موجة تضخم جديدة في الأسواق، وتؤدي إلى تآكل ما تبقّى من القدرة الشرائية لدى المواطنين، ما يضع الحكومة أمام مأزق حقيقي بين متطلبات الإصلاح المالي ومحدودية الصبر الشعبي.


ختام: وعود مضيئة.. واقع مظلم
أشهر قليلة مضت على إعلان الحكومة الانتقالية نيتها بناء "دولة العدالة والمواطنة"، لكن الشارع السوري اليوم يبدو أكثر تشاؤمًا من أي وقت مضى.
فما دام الإصلاح يبدأ من جيب المواطن لا من محاسبة الفاسدين، يبقى النور منطفئًا مهما علت خطابات الكهرباء والطاقة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 4