بعد نحو شهرين على إيقافها بقرار من هيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية، أعلنت الطوائف المسيحية في الجزيرة والفرات التوصل إلى اتفاق يقضي باستئناف الدوام في مدارسها اعتبارًا من يوم الاثنين 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، على أن تعتمد تلك المدارس مناهج وزارة التربية السورية المعترف بها رسميًا.
وجاء الاتفاق بعد سلسلة مشاورات ولقاءات بين ممثلي الكنائس والإدارة الذاتية، انتهت بالتفاهم على السماح باستمرار التدريس بالمناهج الحكومية خلال العام الدراسي 2025–2026، حفاظًا على استمرارية العملية التعليمية لأبناء الطوائف المسيحية في المنطقة، وضمانًا لعدم ضياع العام الدراسي على الطلاب.
وكانت الإدارة الذاتية قد أصدرت في مطلع أيلول/سبتمبر الماضي قرارًا بإغلاق جميع المدارس المسيحية في مناطق سيطرتها، بحجة “مخالفة التعليمات التربوية” ورفض إدارات تلك المدارس اعتماد مناهج الإدارة الذاتية بدلاً من مناهج وزارة التربية السورية. القرار أثار موجة من الغضب والاستنكار داخل الأوساط الكنسية والشعبية، خاصة أن هذه المدارس تُعد من أقدم المؤسسات التعليمية في الجزيرة السورية، ولها تاريخ طويل في خدمة التعليم وتربية أجيال من مختلف المكونات.
ورأى مراقبون أن قرار الإغلاق كان محاولة من الإدارة الذاتية لفرض مناهجها على جميع المؤسسات التعليمية في المنطقة، بما فيها المدارس الخاصة والدينية، ما اعتُبر تعديًا على استقلاليتها وتدخلاً في خصوصيتها الثقافية والدينية. كما حذر الأهالي من أن مثل هذه القرارات قد تؤدي إلى تهجير المزيد من العائلات المسيحية التي ترى في التعليم الحكومي المعترف به ضمانة لمستقبل أبنائها الأكاديمي داخل سوريا وخارجها.
ويُعد الاتفاق الحالي تراجعًا واضحًا من قبل الإدارة الذاتية عن مواقفها السابقة، بعد الضغوط التي مورست من قبل الكنائس والأهالي، الذين شددوا على ضرورة احترام خصوصية المدارس الطائفية وحقها في اختيار المناهج التي تضمن اعتراف الجامعات السورية والدولية بشهاداتها.
ورغم أن استئناف الدوام يمثل خطوة إيجابية باتجاه تهدئة التوتر بين الإدارة الذاتية والطوائف المسيحية، إلا أن الأزمة التربوية لا تزال قائمة في جوهرها، في ظل غياب سياسة تعليمية واضحة تحترم التنوع الثقافي والديني في المنطقة، وتضمن عدم تكرار مثل هذه القرارات التعسفية مستقبلاً.