القرار 1701 يسقط... والميدان يشتعل

2025.11.05 - 08:16
Facebook Share
طباعة

 تشهد الساحة اللبنانية تصعيدًا سياسيًا وأمنيًا متسارعًا، وسط تزايد التهديدات الإسرائيلية بإمكانية توجيه «ضربة كبيرة» ضد حزب الله، وتزامن ذلك مع ضغوط أميركية متزايدة تدعو إلى فتح مفاوضات مباشرة بين بيروت وتل أبيب، باعتبارها – وفق الطرح الأميركي – «السبيل الوحيد لتجنّب المواجهة العسكرية المقبلة».

وبحسب مصادر دبلوماسية لبنانية مطلعة، فإن واشنطن أبلغت المسؤولين اللبنانيين في الأيام الماضية أنها لا ترى جدوى من أي آلية تفاوضية جديدة خارج الحوار المباشر مع إسرائيل، مؤكدة أن قرار مجلس الأمن رقم 1701 «فقد مضمونه» وأن الولايات المتحدة «لن تمارس أي ضغط على تل أبيب».


رفض أميركي لآلية «الميكانيزم»
تشير المصادر نفسها إلى أن الرد الأميركي الأخير على اقتراح بيروت باعتماد لجنة «الميكانيزم» كإطار للتفاوض جاء سلبيًا، حيث اعتبر المبعوث الأميركي توم برّاك أن الحل الوحيد يتمثل في «اتصال مباشر بين رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمعالجة الملفات العالقة».

وبحسب مطّلعين على مضمون الرسائل المتبادلة بين بيروت والعواصم المعنية، فإن كل بادرة إيجابية تصدر عن الجانب اللبناني تُقابَل بتشدد أكبر من واشنطن وتل أبيب. وقد تبلّغ لبنان رسميًا من الإدارة الأميركية أنها غير معنية بتوسيع عمل «الميكانيزم» أو إشراك خبراء وتقنيين، معتبرة أن التجربة السابقة «أثبتت محدودية فاعليتها».

سياسي لبناني على تواصل مع الجانب الأميركي قال للصحيفة إن واشنطن «ترى أن القرار 1701 انتهى عمليًا، وأن امتناع لبنان عن تنفيذ بند نزع سلاح حزب الله جعل إسرائيل تعتبر هذا القرار بلا جدوى»، مشيرًا إلى أن تل أبيب تطالب بمقاربة «جديدة تمامًا» تبدأ سياسية ثم أمنية وتنفيذية، وصولًا إلى تنسيق أمني شبيه بما نص عليه اتفاق 17 أيار 1983.


أجندة إسرائيلية – أميركية متكاملة
المصادر ذاتها نقلت أن واشنطن وتل أبيب تتعاملان مع الملف اللبناني ضمن تصور واحد يشمل سوريا أيضًا، إذ تسعى الولايات المتحدة – وفق هذه التسريبات – إلى ترتيب تفاهمين متوازيين ينهيان حالتي النزاع على الحدود الجنوبية مع كلٍّ من لبنان وسوريا. وتضغط إسرائيل باتجاه مفاوضات لبنانية – إسرائيلية مشابهة للمحادثات الجارية حاليًا حول الجبهة السورية.

وبحسب معطيات سياسية نقلتها الصحيفة، فإن المبعوث الأميركي توم برّاك أبدى استعداد بلاده لإدارة أي مفاوضات في «عاصمة يختارها لبنان»، مشيرة إلى أن واشنطن وتل أبيب رشحتا أسماء محددة لتمثيل لبنان في المحادثات المقترحة، غير أن اثنين من الأسماء المضافة أبلغا رسميًا أنهما «غير معنيين بالملف».

وفي المقابل، أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري – وفق زوار عين التينة – أن الأنسب هو أن «يضم الوفد اللبناني خبيرًا مدنيًا أو تقنيًا متخصصًا في ملف الحدود إلى جانب ممثلين عسكريين» في حال جرى أي اتفاق يتعلق بوقف الأعمال العسكرية.


تل أبيب تهدد بمهلة أخيرة
تزامنًا مع الحراك الدبلوماسي، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن معلومات تفيد بأن الجيش الإسرائيلي «أعدّ خططًا لعمليات واسعة ضد أهداف تابعة لحزب الله»، فيما طلبت واشنطن – بحسب تلك التسريبات – منح الحكومة اللبنانية مهلة إضافية تمتد حتى نهاية الشهر الحالي «للاتفاق على آلية لنزع السلاح أو التهدئة».

وبحسب ما نقلته مصادر عربية، فإن وزير المخابرات المصري اللواء حسن رشاد حذّر خلال زيارته الأخيرة لبيروت من احتمال تنفيذ إسرائيل عمليات واسعة داخل الأراضي اللبنانية «سواء بطابع أمني أو عسكري»، مشيرًا إلى أن القاهرة عرضت وساطة تقوم على «تجميد حزب الله لنشاطه الميداني لفترة محددة مقابل وقف العمليات العدائية وبدء مسار تفاوضي»، وهو ما ترفضه تل أبيب حتى الآن.


حراك سياسي وإعلامي في إسرائيل
في الداخل الإسرائيلي، تتكثف اجتماعات المجلس الوزاري الأمني المصغر برئاسة بنيامين نتنياهو، في ظل تزايد الأصوات داخل المؤسسة الأمنية التي تدعو إلى «ضربة نوعية» توقف ما تصفه بـ«التسلّح المتسارع لحزب الله».

وذكرت القناة 13 الإسرائيلية أن نتنياهو عقد مؤخرًا اجتماعات مكثفة لمناقشة «إعادة بناء حزب الله لبنيته العسكرية وعمليات تهريب الصواريخ». كما نقلت القناة 12 عن مصادر أمنية أن الجيش الإسرائيلي «قد ينفّذ جولة قتال محدودة تستمر عدة أيام شمال البلاد» في حال لم تتخذ الحكومة اللبنانية خطوات ملموسة للحد من أنشطة الحزب.

موقع N12 الإسرائيلي نقل عن مصدر أمني قوله إن «صبرنا ينفد تجاه حزب الله»، مضيفًا أن الجيش «ينتظر موافقة الحكومة على خطط تصعيدية شديدة الحدة».

في المقابل، أشارت صحيفة هآرتس إلى أن عمليات حزب الله تتركز «شمال نهر الليطاني بعيدًا عن الحدود المباشرة»، وأن الحزب يعمل على «إعادة تأهيل خطوط إمداده من إيران عبر العراق وسوريا»، فيما تتحدث التقديرات العسكرية الإسرائيلية عن «عشرات الآلاف من الصواريخ والطائرات المسيّرة ما زالت بحوزة الحزب».


توتر في قوات «اليونيفل» جنوبًا
وفي موازاة التصعيد السياسي، برز توتر ميداني بين الجيش اللبناني وقوات اليونيفل العاملة في الجنوب، بعد حادثة وصفتها مصادر عسكرية بـ«غير المسبوقة»، تمثلت في طرد ضابط لبناني من مكتبه في القطاع الشرقي من قبل أحد الضباط الإسبان.

وبحسب ما أوردته صحيفة «الأخبار»، غادر الضابط اللبناني مقر قيادة القطاع الشرقي في سهل بلاط – مرجعيون بناء على توجيهات قائد قطاع جنوب الليطاني العميد نقولا تابت، الذي وجه إنذارًا رسميًا إلى قيادة «اليونيفل» طالب فيه بـ«اعتذار رسمي من البعثة إلى الجيش اللبناني ككلّ، وليس فقط إلى الضابط المعني»، وأعلن تعليق الأنشطة المشتركة مع الوحدة الإسبانية إلى حين تقديم الاعتذار.


قراءة في المشهد
يرى مراقبون لبنانيون أن رفع مستوى التهديد الإسرائيلي يأتي في ظل مسعى أميركي لإعادة صياغة العلاقة بين بيروت وتل أبيب عبر المفاوضات المباشرة، مستبعدين أن يكون القرار 1701 مرجعًا فعليًا في المرحلة المقبلة.

ويعتبر هؤلاء أن إسرائيل تحاول فرض معادلة «التفاوض أو العقاب»، فيما تبدو واشنطن مهتمة بتسوية أوسع تشمل الساحتين اللبنانية والسورية، وسط ضبابية في الموقف الدولي تجاه التصعيد المحتمل نهاية الشهر الجاري.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 2