تواصل وزارة الدفاع السورية تعزيز صفوف الجيش الجديد من خلال دمج ضباط منشقين عن النظام السابق، في خطوة تهدف إلى الاستفادة من خبراتهم العسكرية والتقنية ضمن هيكلية الجيش. وقد أعلنت الوزارة مؤخرًا عن تعيين ستة ضباط بارزين في مناصب قيادية مختلفة، كجزء من خطة أوسع لتوظيف كوادر منشقين في مواقع استراتيجية.
وبحسب الوزارة، بلغ عدد الضباط المنضمون منشقين أكثر من 2000 ضابط من أصل 3500 تم مقابلتهم، إذ تم تشكيل لجان متخصصة لتنظيم طلبات المنشقين وتصنيفهم حسب الرتب والاختصاصات والمعايير المهنية، إلى جانب استدعاء من تم تسريحهم لأسباب أمنية أو سياسية بعد سقوط النظام السابق. وأكدت الوزارة أن التعيينات الجديدة تأتي ضمن خطة مستمرة لتحديد الاحتياجات واستغلال خبرات هؤلاء الضباط في تطوير القدرات العملياتية والبنية العسكرية.
تتنوع خبرات الضباط المنشقين في مجالات متعددة، تشمل القوى الجوية والبحرية والبرية، وتقنيات المعلومات والهندسة العسكرية، وهو ما يسهم في تعزيز أداء الجيش السوري في مختلف الميادين.
من بين هؤلاء الضباط، تولى اللواء الركن الدكتور سليم إدريس منصب مستشار لوزير الدفاع، بينما عُين مرهف أبو قصرة في الأكاديمية الوطنية للهندسة العسكرية. إدريس أحد أبرز الضباط المنشقين عن النظام السابق، أعلن انشقاقه في أغسطس 2012، حين كان برتبة عميد، وانتقل إلى تركيا بمساعدة الجيش الحر، قبل أن يعود للعمل داخل مناطق المعارضة في حلب وإدلب. يحمل إدريس شهادة في الهندسة الإلكترونية من جامعة حلب وماجستير في تقنية المعلومات من ألمانيا، ويجيد ثلاث لغات برمجة. وقد شغل حقيبة وزارة الدفاع ضمن "الحكومة السورية المؤقتة" بين 2014 و2016، وعاد لتسلمها لاحقًا حتى استقالته في سبتمبر 2021.
كما عينت الوزارة العميد الطيار حسن الحمادة نائبًا لرئيس أركان القوى الجوية للدفاع الجوي. أعلن الحمادة انشقاقه بطائرته “ميغ 21” عام 2012، متوجهًا إلى الأردن ثم تركيا، قبل أن يعود للمشاركة ضمن الجيش الحر، حيث قاد عدة فصائل، وشغل منصب نائب وزير الدفاع ضمن الحكومة المؤقتة منذ 2017 حتى انتخابه وزيرًا لاحقًا. الحمادة من مواليد إدلب عام 1967، ويملك خبرة واسعة في العمليات الجوية.
في مجال التدريب، تولى العميد أحمد بري منصب معاون رئيس هيئة التدريب للجانب القتالي، بعد انشقاقه عن مدفعية “الفرقة 11” دبابات في يونيو 2012، وانضم فورًا إلى الجيش الحر. عمل لاحقًا رئيس هيئة أركان، وشارك في جولة أستانة عام 2017. أما العميد الركن عبد المجيد دبيس فقد كلف بمنصب معاون رئيس هيئة التدريب للمنشآت التعليمية، وهو ضابط منشق كان يشغل نائب مدير كلية مدفعية الميدان في حلب، قبل أن ينضم إلى فصائل المعارضة ويتولى مناصب قيادية في لواء التوحيد ومجلسه العسكري في ريف حماة.
في الشؤون الإدارية، عُين العميد عبد الكريم الضاهر معاونًا لرئيس هيئة التدريب، وكان آخر منصبه قبل التعيين مسؤولًا عن الشؤون الإدارية في الجيش الوطني التابع لوزارة الدفاع ضمن الحكومة المؤقتة.
وأخيرًا، تولى العميد زاهر الساكت منصب مستشار هيئة العمليات، بعد أن شغل قبل انشقاقه منصب رئيس فرع الكيمياء في الفرقة الخامسة ضمن الجيش السابق عام 2013. انتقل إلى عمان ثم عاد لقيادة "الجبهة الشمالية" وإدارة مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية، قبل الانضمام إلى الجيش الجديد.
تأتي هذه التعيينات في إطار استراتيجية شاملة لتعزيز كفاءة الجيش السوري، بالاستفادة من الخبرات الميدانية والتنظيمية للضباط المنشقين، مع التركيز على رفع مستوى التدريب والعمليات، وتطوير الهياكل الإدارية والتقنية للجيش. وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من جهود الدولة لبناء جيش أكثر قدرة على إدارة العمليات العسكرية ومواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.
ويعكس الدمج بين الضباط القدامى والمنشقين توجهًا نحو توحيد الكفاءات والخبرات المتنوعة، وتحقيق مستوى أعلى من التنسيق داخل المؤسسة العسكرية، بما يعزز القدرات القتالية والتنظيمية ويخدم استراتيجية الجيش في الفترة المقبلة.