سوريا.. قراءة “فقهية” جديدة للعلاقة مع التحالف

2025.11.12 - 08:21
Facebook Share
طباعة

 أثارت فتوى نُسبت إلى وزير العدل السوري مظهر الويس نقاشًا واسعًا في الأوساط السياسية والدينية، بعد أن تناولت مشروعية التنسيق مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في مواجهة تنظيم “داعش”، معتبرة أن مثل هذا التعاون يمكن أن يكون “مشروعًا” إذا هدف إلى حفظ السيادة ووحدة القرار داخل الدولة السورية الناشئة.

الفتوى التي نقلها الداعية السعودي عبد الله المحيسني، القائد الشرعي والعسكري في “هيئة تحرير الشام” (سابقا)، ونشرها عبر منصة “إكس”، جاءت بعد ساعات من اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئيس سوريا للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع في البيت الأبيض، ما منحها بُعدًا سياسيًا لافتًا.

ووفق نص الفتوى، فإن الواقع الراهن “يقرّ بأن السيادة هي للدولة السورية الجديدة على الأراضي التي تديرها”، ما يجعلها مسؤولة عن حماية المدنيين والتصدي لمن وصفتهم بـ“خوارج داعش” الذين يهددون الأمن العام. وأضاف الويس أن من واجب الدولة حماية مواطنيها “من خطر هؤلاء المستحلّين للدماء والأموال، الصائلين بالمفخخات والأحزمة الناسفة”.

ورأت الفتوى أن وجود التحالف الدولي يستدعي “تنظيم الحالة وضبط الأمور بما يضمن وحدة القرار والسيادة، حتى تستقر أوضاع الدولة ولا يُتخذ خطر داعش ذريعة لتدخلاتٍ أوسع”.

وفي تسويغها الشرعي، أشارت إلى مبدأ “اختيار خير الخيرين ودفع شر الشرين”، معتبرة أن ميزان المصالح والمفاسد يُرجّح كفة التعاون المشروط الذي يحقق المصلحة العامة دون تنازل عن الثوابت الدينية أو الوطنية.

كما شددت على أن “التعاون المقصود” يقتصر على التنسيق المعلوماتي والتدريب الميداني الذي يعزز قدرات الدولة ويحافظ على سيادتها، من دون أن يتحول إلى تبعية أو تحالف سياسي. وأوضحت أن “الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره”، في إشارة إلى أن ما يجري لا يرقى إلى مستوى “التحالف العسكري المفتوح”، بل هو نوع من التفاهم الأمني الذي لا يُخِلّ بالسيادة أو بالاستقلال.

ويرى مراقبون أن هذه الفتوى تسعى إلى صياغة موقف ديني-سياسي أكثر مرونة تجاه القوى الدولية، في وقت تشهد فيه الساحة السورية تحركات دبلوماسية مكثفة لرفع العقوبات وتطبيع العلاقات مع دمشق.

في المقابل، اعتبر آخرون أن إصدار مثل هذه الفتاوى يحمل في طيّاته خطرًا بتسييس الخطاب الديني، وتحويله إلى أداة لتبرير خيارات سياسية لا تحظى بإجماع داخل التيارات الإسلامية.

وشهد البيت الأبيض لقاءً غير مسبوق بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس سوريا للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، وُصف بأنه “تاريخي” من قبل مصادر رسمية سورية، كونه الأول منذ استقلال البلاد عام 1946.

الاجتماع الذي استمر أكثر من ساعة جرى بعيدًا عن وسائل الإعلام، وأكد ترامب في أعقابه أن بلاده “ستفعل كل ما بوسعها لجعل سوريا دولة ناجحة”، مضيفًا أن “الشرع قادر على ذلك”، رغم ماضيه الذي وصفه بـ“المضطرب”.

وأشار الرئيس الأمريكي إلى أن “كل الدول تمرّ بمراحل صعبة، لكن المهم هو الاتجاه نحو المستقبل”، مؤكدًا أن سوريا “بلد غني بالطاقات البشرية والمهنية”.

من جهته، قال الشرع في مقابلة لاحقة مع قناة “فوكس نيوز” إن بلاده “تسعى لاستعادة مكانتها كحليف لا كتهديد”، موضحًا أن المرحلة الحالية تهدف إلى “إعادة تقديم سوريا كدولة شريكة في الأمن الإقليمي ومكان للاستثمار، خصوصًا في مجالات النفط والغاز”.

وأضاف أن النقاش مع الجانب الأمريكي “لم يتطرق إلى الماضي، بل ركّز على الحاضر والمستقبل”، معربًا عن أمله في “تحويل صفحة طويلة من العزلة إلى مرحلة تعاون متبادل قائم على المصالح المشتركة”.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 7