ترسيم الحدود وإغلاق المعابر غير الشرعية في لبنان: معركة الأمن والسياسة المتشابكة

2025.11.12 - 08:27
Facebook Share
طباعة

تشكّل عملية ضبط الحدود اللبنانية ــ السورية اليوم أولوية أمنية وطنية ترتبط مباشرة بمسارين متلازمين: ترسيم رسمي للحدود وإغلاق المعابر غير الشرعية. الإجراءات الميدانية التي ينفذها الجيش أحرزت نتائج جزئية، لكنها تواجه قيوداً لوجستية وسياسية وشرعية تجعل السيطرة الكاملة أمراً صعب التحقيق من دون اتفاقات ثنائية وإجراءات مرافقة على المستوى الداخلي.

واقع ميداني متبدّل:

شهدت السنوات الأخيرة تحولاً في أنماط التهريب عبر الحدود: من تجارة مخدرات ومحروقات انتقلت بعض العمليات إلى تهريب بشر وتسرب مجموعات إجرامية مسلّحة، ما رفع مستوى التعقيد الأمني. تمكّن الجيش من إغلاق مئات النقاط غير الشرعية، إلا أن الطبيعة الجغرافية للمنطقة وتداخل الملكيات ووجود نقاط عبور تاريخية تجعل مهمة ضبط الحدود شاقة ومستمرة.

ترسيم الحدود حاجة أمنية وسياسية:

الترسيم الرسمي للحدود يُعدّ مدخلاً مؤثراً لوقف النشاطات غير القانونية، لكنه عمل سياسي تقني يتطلب تفاوضاً وطنياً وإقليمياً حول الخطوط الحدّية والآليات الرقابية أي تقدم في الترسيم سيوفّر أساساً قانونياً لمراقبة أفضل، ويقلّل ذريعة إعادة فتح المعابر بغطاء عشائري أو تهربي.
مع ذلك، فإن الترسيم لا ينجح بمعزل عن وجود إرادة تنفيذية وقفازات رقابية ميدانية دائمة.

إغلاق المعابر: إنجازات مؤقتة وهشاشة دائمة

أغلق الجيش نقاط عبور عديدة، وانتشرت أبراج مراقبة ومفارز حدودية، ما حسّن قدرات الرصد والرد السريع. بالمقابل، يستمر المهربون في البحث عن مسالك بديلة، وتلعب القوانين المحلية وغياب بدائل اقتصادية في بعض المناطق دوراً في إعادة فتح تلك المسالك إغلاق المعابر بدون خطط تنموية ومبادرات بديلة يعيد إنتاج المشكلة عبر طرق أخرى.

مخاطرات متشابكة ومخاوف من تصعيد:

الرهانات الأمنية تقترن بمخاطر سياسية؛ أي خطأ في إدارة الترسيم أو فرض السيطرة قد يؤدي إلى احتكاكات محلية أو استغلال فصائل مسلحة للفجوات الحدودية كما أن محاولات إعادة فتح المعابر أو المواجهة العنيفة قد تمسّ بالأمن الداخلي وتُستغل سياسياً من جهات إقليمية لذلك تتطلّب المعالجات توازناً بين الحزم الأمني والحوار المحلي.

اتفق الخبراء على أن توصيات عملية فورية :

1. الإسراع بإجراءات الترسيم بالتنسيق مع جهات دولية ووسيطات إقليمية مع ضمان خريطة زمنية واضحة.


2. دمج إجراءات إغلاق المعابر مع برامج تنمية محلية وبدائل اقتصادية للسكان المتعطشين للتهريب.


3. تعزيز قدرات الرصد (طوافات، أبراج مراقبة، درونز) وربطها بمراكز قيادة متكاملة لاستجابة سريعة.


4. تأسيس آلية تنسيق أمنية ــ مدنية تضم الجيش، الأمن الداخلي، البلديات وممثلي المجتمع المحلي لمنع إعادة فتح المعابر.


5. برامج توعوية ومبادرات لبناء ثقة السكان وتوفير بدائل عمل شرعية تقلل من حوافز التهريب.

ضبط الحدود وإغلاق المعابر غير الشرعية عمليتان متلازمتان تتقاطعان بين الأمن والاقتصاد والسياسة تحقيق انتصار حقيقي ضد التهريب يحتاج لخطوات متوازية: ترسيم واضح، إجراءات ميدانية مستدامة، وحلول اقتصادية واجتماعية تحجب مجال الاستغلال من دون هذه الرؤية الشاملة، ستبقى السيطرة ناقصة، وتستمر الفجوات الأمنية في تعريض السلم الأهلي للخطر. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 6