عاد بنيامين نتنياهو إلى قاعة المحكمة المركزية في تل أبيب للمرة الرابعة والخمسين، في مشهد يوضح حجم الأزمة التي يعيشها. أصبح حضوره أمام القضاة جزءاً ثابتاً من روتينه السياسي، في وقت يزداد فيه الحديث داخل إسرائيل عن اهتزاز مكانته وتراجع قدرته على إدارة الدولة وسط هذا الكم من الاتهامات.
جلسة اليوم خُصصت لقضية “بيزك – واللا”، وهي أخطر الملفات التي تلاحقه لأنها تحمل تهمة الرشوة بشكل مباشر.
صفقة إعلامية على حساب مؤسسات الدولة:
وفق لائحة الاتهام، قدّم نتنياهو تسهيلات ضخمة للمالك السابق لـ“بيزك” وموقع “واللا” شاؤول إلوفيتش، مقابل تغطية إعلامية إيجابية تصب في مصلحته الشخصية.
العلاقة بين الطرفين لم تكن محدودة أو عابرة، بل احتوت على تبادل مصالح واسع، هدفه الأساسي الحصول على إعلام متوافق مع رغبات نتنياهو، وإسكات الأصوات التي تنتقده.
ردود دفاعية ضعيفة وغير مقنعة:
خلال الاستجواب، قال نتنياهو إنه لا يهتم بمستقبله السياسي وإن همه الأول هو “مستقبل إسرائيل” غير أن الوثائق داخل الملف والشهادات المقدمة أمام المحكمة تؤكد أنه كان يتابع الإعلام بدقة، ويضغط على المقربين منه وعلى جهات إعلامية عديدة لضبط التغطية بما يناسبه.
هذا السلوك يوضح رغبة قوية في التحكم في المشهد الإعلامي، وفي خلق بيئة دعائية تحمي موقعه السياسي.
سارة نتنياهو في قلب الجدل:
شهادات عديدة في الملف تتناول تدخلات مباشرة من زوجته سارة في إدارة العلاقة مع وسائل الإعلام.
تحدث الشهود عن صوت مرتفع واعتراضات متكررة في اجتماعات مع شيلدون أديلسون وريغيف بسبب تقارير لم ترضِ الأسرة.
ورغم محاولة نتنياهو إنكار ذلك، فإن ما ورد في الملف يقدم صورة واضحة لدور الزوجة في ممارسة الضغط على صحف وقنوات بارزة داخل إسرائيل.
أساليب للمماطلة وتجنب الأسئلة الحرجة:
منذ بداية المحاكمة، حاول نتنياهو تأجيل الجلسات وتقصير مدة الاستجوابات بحجة انشغالات منصبه هذه الخطوات تُظهر قلقاً واضحاً من مواجهة أسئلة قد تكشف تفاصيل إضافية داخل الملفات الثلاثة: 1000 و2000 و4000.
كل تأجيل يمنحه وقتاً سياسياً إضافياً، لكنه يضاعف أيضاً الشكوك حول موقفه الحقيقي من هذه القضايا.
أزمة تلاحق نتنياهو وتضعف صورته أمام الداخل والخارج:
الجلسات الأخيرة أنتجت صورة جديدة لنتنياهو: زعيم يعتمد على الإعلام لحماية نفسه، ويستخدم نفوذه لتأمين مصالحه قبل مصالح الجمهور.
ومهما حاول الظهور بثقة، فإن مسار المحاكمة يؤكد أن فترته السياسية ارتبطت بملفات فساد واسعة، وأن هذه القضايا ستظل وصمة ثقيلة على إرثه السياسي داخل إسرائيل.