يحتفل لبنان هذا العام بعيد استقلاله دون العرض العسكري التقليدي في بيروت، ودون الاحتفالات التي اعتادها اللبنانيون، وذلك وفقًا لرئيس الجمهورية جوزاف عون، نظرًا للظروف الصعبة التي يمر بها البلد المرحلة الحالية تصنف بالمصيرية، وسط تحديات متعددة تشمل الانقسامات الداخلية والضغوط الدولية ووجود جيش الاحتلال الإسرائيلي على أجزاء من الأراضي اللبنانية.
تعريف الاستقلال: امتحان يومي
رئيس مجلس النواب نبيه بري اختار تقديم تعريف عملي للاستقلال باعتباره "امتحانًا يوميًا" وليس مجرد ذكرى تاريخية وركّز على ضرورة تمكين الجيش اللبناني من أداء مهامه في صد العدوان الإسرائيلي، مؤكداً على أهمية دعم المؤسسة العسكرية وحمايتها من أي محاولات للتشكيك بها أو التحريض عليها.
الجيش اللبناني في قلب المعادلة:
قائد الجيش العماد رودولف هيكل شدّد على وقف إطلاق النار المبرم مع إسرائيل قبل عام، مشيرًا إلى أن الاحتلال لا يزال قائمًا على أجزاء من الأراضي اللبنانية واعتبر الجيش عنصرًا محوريًا في أي معادلة لاستعادة الاستقلال، إذ أن القدرة على حماية الحدود والسيادة الوطنية مرتبطة مباشرة بقوة الجيش وقدرته على تنفيذ مهامه.
تاريخ الاستقلال وصراعات النفوذ:
استقلال لبنان عام 1943 مهد لمرحلة من الصراعات حول الوصاية والتوازنات الإقليمية. من أزمة 1958، مرورًا بالتدخلات السورية، وصولًا إلى الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 واتفاق الطائف، ظل معنى الاستقلال مرتبطًا بتوازن القوى أكثر من النصوص الدستورية. حتى بعد خروج القوات السورية، بقيت القوى الرديفة، وخاصة حزب الله، محور جدل حول دورها في مواجهة إسرائيل واستقلال القرار الوطني.
الجنوب اللبناني: المسرح الرئيسي للتحديات
الجبهة الجنوبية تمثل اليوم أبرز مظاهر اختبار الاستقلال اللبناني التصريحات الإسرائيلية وعملياتها الميدانية، مثل توسيع نطاق المنطقة المنزوعة السلاح، توضح محاولات فرض وقائع جديدة على الأرض هذا الواقع يشكّل ضغطًا مباشرًا على الجيش اللبناني ويضع الدولة أمام تحديات حقيقية للحفاظ على سيادتها.
مسار التفاوض: فرصة وترسيم حدود
إلى جانب الضغط الميداني، يفتح مسار التفاوض احتمالات لترسيم أوضح للسيادة على الأرض.
أيضاً لبنان اعلن استعداده للمشاركة في هذا المسار، بينما تظل إسرائيل متحفظة وتكتفي بإرسال رسائل تُفسر على أنها محاولة لرفع سقف شروطها قبل المفاوضات.
هذه المعادلة توضح تداخل المسار الأمني مع المسار الدبلوماسي، وتعقّد من قدرة الدولة على حماية استقلالها.
إعادة تعريف الاستقلال:
اليوم، لا يقتصر معنى الاستقلال على استعادة لحظة تاريخية، بل يمتد إلى صياغة "ميثاق سيادي" جديد يوازن بين الدولة، الجيش، المقاومة، والحدود. التحدي الأساسي للبنان يكمن في القدرة على إنتاج تعريف موحّد للمصلحة الوطنية العليا يجمع بين ضرورات الردع وحاجة الدولة إلى القرار الموحد، وسط ضغوط داخلية وخارجية متزايدة.