لبنان يواجه تجارة السمّ الأبيض: ملاحقة كبار تجار المخدرات واستنفار أمني واسع

2025.11.22 - 05:52
Facebook Share
طباعة

يمثل توقيف استخبارات الجيش اللبناني للمدعو نوح زعيتر، المعروف بلقب "بارون المخدرات"، خطوة مهمة في سلسلة الجهود الأمنية للقضاء على شبكات المخدرات في لبنان، والتي تراكمت خلال السنوات الخمس الماضية. العملية الأخيرة تأتي في سياق تصاعد النشاط الإجرامي بعد سقوط النظام السوري، ما دفع الكثير من المطلوبين إلى العودة إلى الأراضي اللبنانية بعد فقدان ملاذاتهم الآمنة.

تؤكد مصادر أمنية لوسائل إعلام محلية أن توقيف زعيتر لم يكن مجرد إنجاز قانوني، بل يشكل "ضربة قاصمة" أعادت الهيبة للدولة، إذ اعتمدت القوات أسلوب الرصد طويل الأمد والاختراق الهادئ قبل الإقدام على العملية النوعية.
نوح زعيتر أدار منذ التسعينات إمبراطورية لتصنيع وتهريب المخدرات، لا سيما حبوب الكبتاغون، ما جعله هدفًا رئيسيًا للجهود الأمنية اللبنانية.

لم تقتصر المواجهة على زعيتر فقط، وانما شملت الإطاحة برؤوس كبيرة أخرى مثل علي زعيتر ("أبو سلة")، عباس علي سعدون، حسن عباس جعفر ("السبع")، وبدري زعيتر ("السائق")، ما أدى إلى تفكيك شبكات واسعة من الجرائم المنظمة والمخدرات والسرقة والخطف.
العمليات الأخيرة، التي استخدمت فيها الطائرات المسيّرة والاقتحامات الدقيقة، أعادت فرض السيطرة على المناطق التي كانت تشهد نشاطًا مكثفًا للشبكات الإجرامية.

تجاوزت قيمة المضبوطات من المخدرات وآلات التصنيع المليار دولار، ما شكّل ضربة اقتصادية وتجارية كبيرة لتجار المخدرات داخل وخارج لبنان.
قد أسهمت هذه الضربات في انخفاض نسبة المخدرات في لبنان بنسبة تقارب 70%، وهو رقم غير مسبوق في ظل بيئة مليئة بالتحديات الأمنية والاجتماعية.

يستمر الجيش اللبناني في ملاحقة 23 من أخطر المطلوبين، يتركز معظمهم في مناطق البقاع الشرقية والشراونة وتل الأبيض واليمونة. وتتضمن المرحلة القادمة خطة شاملة لتجفيف منابع التهريب والتصنيع بشكل كامل، في إطار معركة وجودية للقضاء على آخر شبكات السمّ الأبيض في البلاد.

بالإضافة إلى ذلك، تبرز أهمية العمليات الأمنية في إعادة الثقة بالدولة وقدرتها على فرض القانون، خصوصًا بعد سنوات من الفوضى وانتشار نشاط العصابات المنظمة كما أن التزام الجيش بالعمل الصامت والدقيق يضمن تحقيق نتائج ملموسة دون إثارة الفوضى أو التأثير السلبي على الاستقرار المحلي.

هذه العملية تشير إلى تحول نوعي في إدارة ملف المخدرات، إذ لم تعد المواجهة مقتصرة على الملاحقة التقليدية، بل توسعت لتشمل استراتيجيات متقدمة تجمع بين الرصد، الاقتحام، التحليل الاستخباراتي، والتنسيق مع المؤسسات الأمنية المحلية والدولية، لضمان تعقب جميع الشبكات الناشطة ومنع إعادة تنظيمها في المستقبل.

في هذا السياق، يشكل توقيف نوح زعيتر حجر الأساس في مسار طويل للقضاء على تجارة المخدرات في لبنان، ويبرز قدرة الجيش اللبناني على مواجهة التحديات الكبرى، رغم التعقيدات الأمنية والجغرافية والسياسية.
المرحلة القادمة تتطلب متابعة دقيقة، ولاسيما مع وجود أسماء بارزة لا تزال نشطة، لضمان تثبيت الأمن وإعادة السيطرة على المناطق الحساسة ومنع أي انتعاش للنشاط الإجرامي. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 8