استيقظت بلدة زيدل جنوبي حمص صباح اليوم على جريمة مروعة راح ضحيتها رجل وزوجته، حيث وُجدت جثة الزوجة محروقة داخل المنزل، إلى جانب عبارات ذات طابع طائفي كُتبت في موقع الجريمة، ما أثار مخاوف واسعة من محاولات لزرع الفتنة وإشعال التوتر بين الأهالي.
وقال قائد الأمن الداخلي في حمص، العميد مرهف النعسان، إن الجهات المختصة طوقت المكان فور ورود البلاغ، وبدأت جمع الأدلة وفتح تحقيق موسّع للكشف عن ملابسات الجريمة وتحديد هوية الفاعلين وملاحقتهم قضائياً. وأضاف أن الجريمة تهدف بوضوح إلى إثارة خطاب الكراهية، داعياً الأهالي إلى ضبط النفس وترك مهمة التحقيق للأجهزة الرسمية التي تعمل – حسب قوله – بحياد ومسؤولية.
مخاوف شعبية من توسع العنف
تفاعل ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي مع الحادثة مطالبين بتحرك عاجل للحد من تكرار عمليات القتل والاغتيالات في المحافظة، مشيرين إلى تلقي وعود جدية بتحسن الوضع الأمني. وقالوا إن مختلف الأطراف تبدي استعداداً لوقف حالة الانفلات واستعادة الاستقرار.
وخلال الأشهر الأخيرة، شهدت محافظة حمص ارتفاعاً ملحوظاً في عمليات الاغتيال والاستهداف، والتي تُنفَّذ غالباً في الشوارع دون التوصل لمرتكبيها، وتتراوح دوافعها بين الخلافات الشخصية والسرقة وجرائم أخرى.
هجوم في حي المهاجرين بعد ساعات من الجريمة
وفي أعقاب جريمة زيدل مباشرة، شهد حي المهاجرين بمدينة حمص انتشاراً مكثفاً لقوات الأمن الداخلي والجيش السوري، عقب هجوم مسلّح نفذته مجموعة من عشائر بني خالد، حيث أُطلقت النار بشكل عشوائي واقتحمت منازل وخُرّبت محال تجارية، ما أثار حالة من الذعر بين السكان.
وأسفر الهجوم عن إصابة شخصين، في حين تواصلت عمليات تطويق الحي وإعادة الاستقرار إليه. وتقول مصادر محلية إن الهجوم جاء كرد فعل غاضب بعدما انتشرت أنباء الجريمة في زيدل، وسط حالة توتر شديدة تخوّف الأهالي من تفاقمها.
وزارة الداخلية تتوعد الجناة
أكدت وزارة الداخلية اليوم الأحد أن جريمة قتل الزوجين “لن تمر دون محاسبة”، وأن التحقيقات ما تزال جارية لمعرفة هوية الفاعلين. وأوضح مصدر في الوزارة أنه لم يتم التوصل حتى الآن إلى أي أدلة حاسمة، داعياً إلى عدم الانجرار خلف “النعرات الطائفية” التي يحاول البعض استغلالها لإشعال الفوضى.
كما أعلنت قوى الأمن الداخلي فرض حظر تجوال في مدينة حمص من الخامسة مساءً حتى الخامسة صباحاً، بالتزامن مع إرسال تعزيزات أمنية إلى بلدة زيدل وحي المهاجرين وعدد من المناطق جنوبي حمص، ورفع مستوى الجاهزية لمنع أي محاولات لاستغلال الجريمة بهدف إشعال الفتنة أو الإخلال بالأمن.
اجتماع طارئ في محافظة حمص
وفي إطار احتواء التوتر، أعلنت محافظة حمص عقد اجتماع طارئ شارك فيه وفد يمثل عشائر المدينة وعدد من الشخصيات العسكرية والدينية والإدارية، بهدف مناقشة التطورات الأخيرة وسبل تعزيز الاستقرار.
وشدّد المجتمعون على ضرورة تضافر الجهود الرسمية والمجتمعية للحفاظ على أمن المدينة، مؤكدين أهمية التعاون والحوار بين جميع الأطراف لتجاوز المرحلة الحساسة الحالية.
بيان العشائر: لا للفتنة
أصدرت قبائل حمص، وعلى رأسها قبيلة بني خالد، بياناً مصوراً أدانت فيه الجريمة التي أودت بحياة الشاب عبد الله العبود وزوجته، معتبرة أن أسلوب تنفيذها “لا يمتّ للإنسانية بصلة”.
وأكد الوجهاء أن العبارات الاستفزازية الموجودة في مسرح الجريمة تهدف إلى إشعال الفتنة وإحداث شرخ مجتمعي، ودعوا إلى ضبط النفس والالتزام بتوجيهات الجهات المختصة.
وطالبت القبائل بكشف الجناة وسوقهم إلى العدالة، مجددة دعمها الكامل للدولة وإجراءاتها الأمنية، ومحذّرة من أي محاولات لجرّ أبناء المحافظة إلى مواجهات أو ردود فعل غير محسوبة.
كما دعت العشائر أبناء حمص إلى تحمل مسؤولياتهم الوطنية والمجتمعية، والابتعاد عن التجييش والتحريض، حفاظاً على السلم الأهلي وحق الجوار.