الحمراء في بيروت: احتجاجات ومطالب شعبية

2025.11.24 - 02:28
Facebook Share
طباعة

تقدم تظاهرة الحمراء في بيروت صورة متقدمة للمزاج الشعبي في لحظة سياسية وأمنية متوترة.
فخروج المواطنين والصحافيين والناشطين بكثافة يعكس انتقالاً تدريجيًا من مرحلة المتابعة الصامتة إلى مرحلة الضغط المفتوح، وسط تزايد الاعتداءات الإسرائيلية التي تتواصل منذ عام رغم إعلان وقف الأعمال العدائية.

تقدّم الشارع على المؤسسات:

التحرك الذي نظّمه مواطنون وصحافيون خارج الأطر الحزبية التقليدية يكشف عن رغبة متنامية في استعادة المبادرة، بعد فترة طويلة طغت فيها الإحباطات والانقسام الداخلي، فالتظاهرة كشفت قدرة الفئات المدنية على استنهاض المجال العام، ولاسيما في ظل غياب معالجات سياسية تُطمئن الناس أو تُعيد الاعتبار لموقع الدولة في مواجهة الخروقات.

هذا الحجم من المشاركة يضع الحكومة أمام مسؤولية تتصل بضرورة الانتقال من التصريحات العامة إلى خطوات أكثر حسمًا، وهو ما شدد عليه المتظاهرون عبر الدعوة إلى مساءلة رسمية تتناول الأداء على الأرض، إضافة إلى ملفي الإعمار والأسرى.

عام على وقف النار… واستمرار الاعتداءات

مرّ عام على وقف الأعمال العدائية، غير أن الواقع الميداني يتجه نحو تصعيد مستمر. فعمليات القصف، والاعتداءات على القرى الجنوبية، واحتجاز عدد من اللبنانيين، واستهداف المناطق المأهولة، أنتجت شعورًا عامًا بأن الاستقرار الموعود لم يتحقق.

هذا المناخ شجع على تحركات جديدة، خصوصًا مع تزايد القناعة بأن إدارة المرحلة لا تتضمن خطة واضحة تُعيد فرض معادلة ردع أو حماية للمناطق الحدودية.

إعادة ترتيب الأولويات الوطنية:

النقاط التي طرحها المحتجون حملت دعوة صريحة لتجاوز الانقسام الداخلي، وتوحيد الموقف في مواجهة الاعتداءات، ووقف السجالات الإعلامية التي تُستخدم لتشتيت الانتباه عن المسائل الأساسية.
كما أعطى "نداء الحمراء" وزنًا لملف السيادة بوصفه مسألة جامعة لا تخضع للحسابات الطائفية.

رفع الأعلام اللبنانية والفلسطينية شكّل علامة سياسية تعبّر عن انتقال الخطاب من الإطار الحزبي الضيق إلى مساحة وطنية أوسع، حيث جرى التركيز على أن الاعتداءات لا تميّز بين منطقة وأخرى أو بين جماعة وأخرى.

المشاركة الرمزية وتأثيرها:

ايضاً مشاركة جورج عبد الله أضافت بُعدًا رمزيًا للتحرك، إذ وصف الاعتداءات بأنها مثال واضح على السلوك العدواني، داعيًا إلى استمرار الضغط الشعبي لتعزيز الموقف الرسمي.
هذا الخطاب يدفع النقاش الداخلي إلى مستويات أكثر جدية، تحديداً في بيئة تبحث عن عناصر قوة تُعيد التوازن في مواجهة الاحتلال.

انعكاسات التحرك على المشهد السياسي:

التظاهرة منحت القوى الشعبية موقعًا متقدّمًا في النقاش الوطني، بشكل خاص في ما يتصل بدور الجيش ودور المقاومة في معادلة الدفاع وقد وجّه المتظاهرون تحيات واضحة للمؤسستين، من دون الوقوع في خطاب الاستقطاب الذي اعتادته الساحة اللبنانية.

التحرك يوجّه رسالة مباشرة: يرى مراقبون أن الشارع قادر على كسر الجمود، ورفع مستوى الضغط، وإعادة فتح الملفات السيادية بعيدًا من الحسابات الضيقة وفي حال استمرت الاعتداءات بالوتيرة نفسها، قد تتوسع رقعة التحركات، ما يضع السلطة أمام خيارات مختلفة عمّا كان قائمًا في أشهر سابقة.

تظاهرة الحمراء ليست حدثًا موضعيًا، بل إشارة إلى تحول هادئ يمتد داخل المجتمع اللبناني فالمشهد الشعبي الذي ظهر في بيروت يكشف عن استعداد سياسي واجتماعي متجدد للدفاع عن السيادة، وعن اتجاه يتقدّم بخطى ثابتة نحو تحركات إضافية كلما ازدادت الاعتداءات على الجنوب.

بذلك، تدخل المرحلة المقبلة حالة جديدة يتداخل فيها الضغط الشعبي مع المتغيرات الأمنية، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى رؤية واضحة تُعيد تنظيم الموقف الرسمي وتعزز صمود المواطنين في مواجهة الخطر المتصاعد. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 5