تعاني مناطق شمال وشرق سورية من فراغ إداري واضح نتيجة غياب المؤسسات الخدمية الرسمية، وهي مشكلة تتفاقم يومًا بعد يوم مع تزايد حاجة الأهالي إلى الوثائق المدنية الأساسية التي تُعدّ جزءًا لا غنى عنه من معاملاتهم اليومية. هذا الغياب يضع السكان أمام مشكلات معقّدة، خصوصًا مع عدم توفر جهات معترف بها يمكن من خلالها استصدار دفاتر العائلة أو البطاقة الشخصية أو القيود المدنية أو جوازات السفر.
وبسبب غياب دوائر السجل المدني والجوازات والجهات القضائية الرسمية، يجد السكان أنفسهم مضطرين للانتقال إلى مناطق أخرى داخل البلاد لإتمام معاملاتهم المتعلقة بإثبات الشخصية وتسجيل الوقائع المدنية كإصدار جوازات السفر، أو تسجيل الولادات والزواج، أو تحديث القيود الأسرية. هذه الخطوة تُثقل كاهل الأسر بأعباء مالية كبيرة وتحديات مرتبطة بالنقل وطول الإجراءات، في ظل غياب بدائل رسمية داخل المنطقة قادرة على تلبية هذه الاحتياجات.
وتشير آراء عدة من الأهالي إلى أنهم لا يطالبون بعودة الجانب الحكومي بصفته العسكرية، بل بصفته الخدمية التي تتيح إعادة تشغيل المؤسسات الأساسية التي يحتاجها السكان بشكل يومي. ويؤكد كثيرون أن غياب هذه المؤسسات يدفعهم لتحمل تكاليف سفر باهظة إلى مناطق الداخل السوري لاستصدار الوثائق الرسمية، ويزيد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية عليهم، ما يجعل ضرورة إيجاد حل إداري عاجل أمرًا لا يمكن تأجيله.
كما يعبر بعض الأهالي عن مخاوفهم من اضطرارهم مستقبلًا إلى اتخاذ خطوات صعبة لاستكمال ثبوتياتهم المدنية، بعد أن لجؤوا إلى وثائق محلية غير معترف بها خارج المنطقة، في حين يبقى احتمال اضطرارهم للسفر إلى الداخل السوري قائمًا إذا لم يتم تفعيل مكاتب السجل المدني الحكومية أو إيجاد صيغة مشتركة تضمن الاعتراف بالوثائق الصادرة في المنطقة خلال المرحلة الحالية.
وفي ظل هذه الأوضاع، يتفق السكان على أن معالجة هذه الملفات تتطلب تحركًا جديًا لإعادة تفعيل المراكز الخدمية الرسمية بما يضمن الحد الأدنى من الاستقرار المدني، ويخفف من عبء التنقل على آلاف العائلات التي لا تزال تواجه صعوبات يومية في إثبات هويتها وتثبيت وقائعها المدنية.
كما يدعو الأهالي إلى إعادة فتح الملفات السياسية والإدارية المؤجلة، وتنفيذ البنود المتعلقة بتنظيم عمل المؤسسات الحكومية وآليات التنسيق بين الجهات المختلفة، بالتوازي مع وضع صيغة واضحة تضمن الاعتراف بالمؤسسات المحلية العاملة حاليًا. ويؤكدون أن حلّ هذه الإشكاليات يُعدّ خطوة أساسية لسدّ الفراغ الإداري وحماية حقوق السكان، خصوصًا في ظل ازدياد عدد العائلات التي تنتظر حلولًا عملية تُمكّنها من الحصول على وثائقها المدنية دون عناء السفر والإجراءات المعقّدة.