متى ستبدأ البابوية بالدفاع عن نفسها وعن الكاثوليك؟

خضر عواركة - وكالة أنباء آسيا

2025.12.01 - 07:44
Facebook Share
طباعة

 لطالما احتلت الكنيسة الكاثوليكية موقعًا متقدمًا في دائرة الاستهداف الإعلامي العالمي، وامتلأت السينما والصحافة خلال العقود الماضية بأعمال وتقارير ركّزت على فضائح أخلاقية داخل المؤسسة الكنسية، حتى بدا وكأن هذه المؤسسة وحدها تمثّل “الخطأ” داخل العالم المسيحي.

في المقابل، يطرح باحثون وإعلاميون سؤالًا مشروعًا: لماذا لا يُسلَّط الضوء بالقدر ذاته على ما يجري داخل تيارات إنجيلية ذات نفوذ سياسي متصاعد؟ ولماذا يغيب النقد الإعلامي المتوازن تجاه هذه التيارات، رغم حضورها المتنامي في السياسة والإعلام والتمويل الديني عبر قارات كاملة؟

يرى باحثون في علم الاجتماع الديني أنّ ما تواجهه الكاثوليكية منذ القرن التاسع عشر لم يعد مجرّد منافسة تبشيرية عادية، بل تحوّل إلى صراع على “العقول والهوية”، حيث تراجعت الحصة الكاثوليكية في بلدان تاريخيًا كاثوليكية لصالح الكنائس الإنجيلية، خصوصًا في أميركا اللاتينية وإفريقيا.

 

الأرقام تتكلم (مصادر رسمية)

البرازيل — أكبر بلد كاثوليكي تقليدي في العالم

نسبة الكاثوليك هبطت من 74% عام 2000 إلى 56.7% في تعداد 2022.

نسبة الإنجيليين ارتفعت من نحو 15% عام 2000 إلى قرابة 27% في 2022 (أي قرابة 47–50 مليون نسمة).
المصدر: معهد الإحصاء البرازيلي IBGE – التعداد السكاني 2000، 2010، 2022.
المكسيك
الكاثوليك انخفضوا من حوالي 90% في التسعينيات إلى نحو 77–78% في أحدث الإحصاءات.

البروتستانت/الإنجيليون ارتفعوا إلى قرابة 11–12%.
المصدر: المعهد الوطني للإحصاء والجغرافيا INEGI.

 

كولومبيا

الكاثوليك تراجعوا إلى قرابة 73%.

الإنجيليون/البروتستانت صعدوا إلى نحو 14%.
المصدر: Latinobarómetro؛ ومركز Pew للأبحاث.

 

نيكاراغوا

تقديرات متعددة تشير إلى تراجع الكاثوليك إلى أقل من النصف في بعض الاستطلاعات، مع صعود ملحوظ للإنجيليين إلى مستويات قاربت أو تجاوزت 40% في فترات معينة.
المصدر: مركز Pew للأبحاث؛ Latinobarómetro.

> هذه الوقائع الديموغرافية لا تقول إن “المنتمين إنجيليًّا جميعهم كتلة سياسية واحدة”، لكنها تثبت تغيّرًا بنيويًا واسعًا لمصلحة الكنائس الإنجيلية في بلدان كانت كاثوليكية ساحقة خلال القرن العشرين.

 

ما موقع السياسة من الإيمان؟

يشير عدد من الدراسات إلى توثّق العلاقة بين تيارات إنجيلية نافذة ودوائر صنع القرار الأميركي، وإلى تحوّل جزء من الخطاب الديني هناك إلى فاعل سياسي خارجي في قضايا المنطقة، وفي مقدّمها الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

 

أين الفاتيكان من هذا كله؟

مراقبون كثر يرون أن حماية الكنيسة لا تكون فقط بالدفاع عن صورتها، بل أيضًا ببلورة موقف أخلاقي-سياسي عالمي يعيد لها دورها التاريخي كضميرٍ للمظلومين. وفي هذا السياق، يُطرح سؤال مباشر:

> هل يمكن للبابوية أن تطالب بالإنصاف لها فيما تلتزم الحذر إزاء أكبر مأساة إنسانية معاصرة في الشرق الأوسط؟

يرى كتّاب كاثوليك أن الساحة الأهم لأي فعل كاثوليكي رسمي يعيد الاعتبار الأخلاقي للكرسي الرسولي تبدأ بموقف عادل وصريح من فلسطين، يضع الكنيسة بوضوح في صف المدنيين الواقعين تحت القتل والحصار، ويعيد وصل الإيمان بالدفاع عن الإنسان.

إنّ بداية الدفاع الحقيقي عن البابوية لا تكون بخطب مجاملة، بل بإدانة واضحة لانتهاكات القانون الدولي وجرائم الحرب أينما كانت، وبالاصطفاف المبدئي مع الضحايا، لأن الكنيسة التي لا تقف مع المظلومين تفقد جزءًا من معناها التاريخي.

 

الصراع اليوم ليس على العقيدة فقط، بل على الذاكرة والهوية والضمير.
وأمام هذا المشهد، لم يعد السؤال لاهوتيًا فحسب، بل وجوديًا:

هل ستبقى البابوية تراقب بصمت؟
أم تعود لتكون صوتًا عالميًا للعدالة — يبدأ من فلسطين؟

 

 

مصادر

IBGE (Brazilian Institute of Geography and Statistics) – Population Census 2000/2010/2022.

INEGI (Mexico) – Census & Religion Statistics.

Pew Research Center – Religion in Latin America؛ Religion & Public Life.

Latinobarómetro – Religion & Society Reports.

Foreign Affairs؛ Journal of Church and State – ملفات ودراسات حول “Christian Zionism” والسياسة الأميركية.

Pew Research Center – تقارير “Religion in Latin America”، و“Religion & Public Life”.

Foreign Affairs / Journal of Church and State – دراسات حول دور الإنجيلية الأميركية في السياسة الخارجية.

Center for the Study of Religion and Politics (جامعات أميركية وأوروبية).

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 6