يواجه لبنان استحقاقاً نيابياً حاسماً في ربيع 2026، وسط أجواء سياسية متوترة، حيث يحدد الاتفاق على قانون الانتخاب ومستقبل حصرية السلاح بيد الدولة مسار إجراء الانتخابات الانشغال الكبير باستقبال البابا ليو الرابع عشر خلال الأيام الماضية لم يحجب عن اللبنانيين حقيقة التأزم السياسي القائم، ولا المخاطر الأمنية المترتبة على أي انفجار إقليمي أو توسع إسرائيلي محتمل.
المسألة الأبرز تتمثل في ضمان الممرين الأساسيين لإنجاز الانتخابات في موعدها: أولاً، توافق القوى السياسية على تعديل القانون الانتخابي بما يتيح تنظيم العملية الانتخابية بشكل سلس، وثانياً، توفير الضمانات الدولية اللازمة لمنع أي توسع عسكري إسرائيلي قد يعرقل الاستحقاق.
رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، يصر على إجراء الانتخابات وفق القانون النافذ، لكن خصومه يرون أن هذا لا يكفي، ولاسيما أن القانون يحتاج تعديلات واضحة تتعلق بالبطاقة الممغنطة وتوزيع المقاعد على المنتشرين اللبنانيين، إضافة إلى استحداث الدائرة الانتخابية السادسة عشرة هذه التعديلات تواجه معارضة قوية من بعض القوى التي تعتبرها تغييباً للأغلبية النيابية التقليدية.
في هذا السياق، يرى المراقبون أن البرلمان لا يمكن أن يباشر تعديل القانون ما لم يتم التوصل مسبقاً إلى تسوية شاملة تُجهز لجلسة تشريعية مخصصة لهذا الغرض وأوضحوا أن بري يتحسب لأي مفاجأة محتملة قد تمنح خصومه فرصة فرض التعديلات التي يطالبون بها، ولذلك يربط دعوته للانعقاد بالتفاهم المسبق لضمان عدم شطب المواد التي تحدد حق المغتربين في الاقتراع من الخارج.
أما الرئيسان جوزيف عون ونواف سلام، فيوليان اهتماماً كبيراً لإنجاز الانتخابات في موعدها، مع مراعاة تمكين المغتربين من ممارسة حقهم الانتخابي وتصف المصادر هذه الاستراتيجية بأنها محاولة لتجنب أي حرق للمراحل، وضمان سير العملية الانتخابية ضمن أطر واضحة.
ايضاً يرى محللون أن توافق القوى السياسية على القانون قد يتيح تأجيل الانتخابات إلى مطلع الصيف، ما يتيح للمغتربين القدوم إلى لبنان وممارسة حقهم الانتخابي، إضافة إلى تحريك العجلة الاقتصادية وإنعاش السياحة. كل ذلك مرهون بتوفير الأجواء الأمنية اللازمة، خصوصاً في ظل التهديدات الإسرائيلية المستمرة وتوقعات واشنطن بدعم الاستحقاق كجزء من محاولة إعادة التوازن السياسي في لبنان.
على الصعيد الداخلي، يبقى موضوع حصرية السلاح بيد الدولة محورياً، حيث يطالب المجتمع الدولي والولايات المتحدة بأن تتخذ قيادة «حزب الله» قرارها بالانضواء تحت سلطة الدولة، لتخفيف الضغوط الخارجية وضمان استقرار الجنوب اللبناني وتشدد المصادر الوزارية على أن الخطاب الأخير للشيخ نعيم قاسم لا يعكس الواقع السياسي الراهن، ويؤكدون أن تجاوب «حزب الله» مع الدولة سيعزز فرص تمرير الانتخابات بأمان.
يبقى السؤال مطروحاً: هل سينجح لبنان في الموازنة بين إجراء الانتخابات النيابية وتأمين الحماية الوطنية والسياسية أمام تهديدات إسرائيل، أم أن الاستحقاق الانتخابي سيُحمل تبعات أي تأجيل محتمل نتيجة الضغوط الإقليمية والدولية؟