بعد عملية بيت جن: نتنياهو يحدد شروطه لسوريا

2025.12.02 - 10:06
Facebook Share
طباعة

 في أول تصريح له حول الملف السوري منذ العملية العسكرية الأخيرة في ريف دمشق، شدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على أن أي اتفاق محتمل مع سوريا لن يُبصر النور ما لم تُنفّذ دمشق سلسلة شروط أمنية تضعها إسرائيل في مقدمة أولوياتها، وعلى رأسها إنشاء منطقة منزوعة السلاح تمتدّ – وفق تصوره – من العاصمة دمشق وصولًا إلى جبل الشيخ، بما يشمل سفوح الجبل وقمّته داخل الأراضي السورية.

التصريحات التي نشرها موقع i24NEWS الإسرائيلي جاءت خلال زيارة نتنياهو لمقاتلي اللواء “55” الذين أصيبوا في العملية التي نفذتها إسرائيل بمنطقة بيت جن في 28 تشرين الثاني. وأكّد نتنياهو أن بلاده ستحتفظ بوجود عسكري داخل المنطقة العازلة المقترحة، وفي المناطق المحيطة بجبل الشيخ، "لضمان أمن المواطنين الإسرائيليين"، على حد قوله.

وأضاف أن إسرائيل لن تتراجع عن حماية بلداتها الحدودية ومنع ما يصفه بـ"التموضع الإرهابي" قرب الحدود، مع الإشارة بشكل لافت إلى "حماية الحلفاء الدروز"، في محاولة لاستحضار خطاب إنساني لتبرير التدخل العسكري. ويُلاحظ أن لغة نتنياهو في الآونة الأخيرة تميل إلى تضخيم التهديدات المحيطة بإسرائيل، وهو ما يعتبره مراقبون جزءًا من سياسة داخلية تهدف لتعزيز صورته الأمنية.


السياق العسكري الأخير
تصريحات نتنياهو جاءت بعد أيام قليلة من العملية الدموية في بلدة بيت جن السورية، والتي أدت إلى مقتل 13 شخصًا وإصابة 24 آخرين، إثر اشتباكات بين سكان محليين ودورية إسرائيلية، تلاها قصف مدفعي وجوي مكثّف من الجيش الإسرائيلي على المنطقة. الحدث أثار استهجانًا واسعًا، خاصة أن البلدة تقع في عمق الأراضي السورية وليس على خط تماس مباشر، ما جعل العمليات الإسرائيلية تبدو أكثر جرأة واتساعًا من المعتاد.


موقف واشنطن: قلق متزايد من التصعيد الإسرائيلي
وفي المقابل، عبّرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قلق واضح من التصعيد الإسرائيلي داخل سوريا، معتبرة أن الضربات المتكررة قد تُقوّض فرص التوصل إلى اتفاق أمني بين تل أبيب ودمشق. وكشف مسؤولان أمريكيان بارزان لموقع أكسيوس أن محادثات "صعبة" جرت بين وفد أمريكي برئاسة المبعوث إلى سوريا توم براك، ونظرائه الإسرائيليين، حذّر خلالها الجانب الأمريكي من أن استمرار إسرائيل في نهج "إطلاق النار أولًا وطرح الأسئلة لاحقًا" سيقوّض مستقبل المنطقة وسيحوّل الحكومة السورية الجديدة إلى عدو مباشر.

ورأى مسؤول أمريكي رفيع أن "سوريا اليوم ليست لبنان"، في إشارة إلى أن دمشق – وفق تقديره – لا ترغب في الدخول بمواجهة عسكرية مع إسرائيل، بينما يتصرف نتنياهو وكأنه يواجه تهديدًا دائمًا في كل اتجاه.


رسالة أمريكية مباشرة لنتنياهو
حملت التصريحات الأمريكية لهجة غير مسبوقة تجاه إسرائيل، إذ ألمح مسؤولون في إدارة ترامب إلى أن نتنياهو، في حال استمر في هذا النهج، قد "يدمّر الفرصة الدبلوماسية الأكبر منذ سنوات" ويفقد إمكانية بناء علاقة جديدة مع القيادة السورية في المرحلة الانتقالية برئاسة أحمد الشرع، الذي أشاد ترامب بجهوده لضمان انتقال مستقر وتأسيس علاقة مستقبلية مع إسرائيل.


التصعيد الإسرائيلي الأخير، دون تنسيق مشترك أو غطاء دبلوماسي، يضع إسرائيل أمام معادلة معقدة: ترغب في فرض وقائع أمنية على الأرض، لكنها تخاطر في الوقت ذاته بتفويت فرصة سياسية قد تكون نادرة لإعادة ترتيب المشهد في الجولان وما حوله.

قد يرى البعض أن السياسة الإسرائيلية الحالية تتحرك بدافع القلق الأمني، لكنّها في الوقت نفسه تُظهر ميلًا واضحًا للمبالغة في تصوير الخطر، ما يجعل خطواتها تبدو أقرب إلى ردود فعل ذات طابع استباقي غير محسوب – وهو ما انتقده الأمريكيون بوضوح.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 6