شهدت منطقة بيت جن في ريف دمشق تصعيدًا جديدًا بعد أن استهدف قصف إسرائيلي محيط البلدة، تحديدًا منطقة تلة باط الوردة، في تطور أمني يأتي بعد أيام على حادثة استهداف دورية تابعة للجيش الإسرائيلي في المنطقة.
مصادر محلية من داخل البلدة أوضحت أن الطريق الذي طالته الضربات يُعد من المسارات التي عادة ما تستخدمها العربات والمدرعات الإسرائيلية خلال عمليات التوغل في محيط بيت جن، مشيرة إلى أن الاستهداف نُفّذ بثلاث قذائف عقب عملية رصد جوّي مكثف للطيران المسيّر الإسرائيلي الذي استمر في التحليق لفترات طويلة فوق المنطقة.
وتزامن ذلك مع إعلان وسائل إعلام إسرائيلية أن الجيش رصد تحركات لمركبة قامت بدفن جسم مجهول في منطقة مفتوحة قرب بيت جن، ما دفعه لإطلاق قذائف هاون بهدف “تحييد الاشتباه بوجود عبوة ناسفة محتملة”، وفق الرواية الإسرائيلية.
منذ نهاية شهر تشرين الثاني، تعيش البلدة حالة من الاستنفار الدائم، مع استمرار تحليق المسيّرات والطيران المروحي وتكرار عمليات التوغل الإسرائيلي. وأسفرت المواجهات التي شهدتها البلدة عن مقتل عدد كبير من المدنيين بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى إصابات أخرى، بينما تحدثت روايات محلية عن اشتباكات مباشرة بين أبناء البلدة والقوات الإسرائيلية عقب دخولها لاعتقال عدد من الشبان، الأمر الذي أدى إلى إصابة ستة جنود إسرائيليين.
ورغم تضارب الروايات الإسرائيلية حول هوية منفذي الهجمات التي استهدفت الدورية العسكرية، وتباين الاتهامات بين جماعة مسلحة لبنانية والاستخبارات السورية، بقي المشهد الأمني في المنطقة في حالة توتر متواصل، وسط غياب رواية رسمية واضحة من الطرف السوري حول ما جرى.
بالتزامن مع هذا التصعيد، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يطالب إسرائيل بالانسحاب الكامل من الجولان السوري المحتل، وذلك بأغلبية 123 صوتًا مقابل سبعة أصوات معارضة وامتناع 41 دولة عن التصويت. وقد انضمت الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل في رفض القرار، الذي أعاد التذكير بقرار مجلس الأمن رقم 497 وعدم مشروعية قيام إسرائيل بضم الجولان أو إقامة نشاطات استيطانية فيه.
ويؤكد القرار الأممي أن استمرار احتلال الجولان يمثل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق السلام، إضافة إلى تمسك المجتمع الدولي بمبدأ عدم جواز اكتساب الأراضي بالقوة. واعتبرت جهات رسمية في سوريا أن ارتفاع عدد الدول المؤيدة للقرار مقارنة بالعام الماضي هو مؤشر على دعم متزايد للموقف السوري، مشيرة إلى أن هذا التغيير هو نتيجة جهود دبلوماسية نشطة خلال الفترة الماضية.
كما شددت دمشق على أن الدخول في أي مباحثات أو ترتيبات تقنية لا يعني التنازل عن الجولان السوري، معتبرة أن الأرض محتلة بحكم القانون الدولي، وأن سوريا ستواصل العمل لاستعادتها عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية.
من جانبه، أدان المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة القرار، واعتبره “منفصلًا عن الواقع”، مؤكدًا أن إسرائيل لن تعود إلى حدود 1967 ولن تتخلى عن الجولان “في أي وقت”، على حد تعبيره.
وفي السياق ذاته، شددت شخصيات سورية رسمية على أن الجولان أرض سورية بشكل لا يقبل الجدل، وأن استعادته تبقى هدفًا أساسيًا، سواء عبر المفاوضات واتفاقيات السلام أو عبر أي مسار قانوني وسياسي يضمن هذا الحق، مع الإشارة إلى أن المجتمع الدولي لا يزال يعترف بالجولان كأرض سورية محتلة.
وتجدد الحديث خلال الأشهر الماضية عن محاولات تقودها أطراف دولية لبحث إمكانية تطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل ضمن ما يعرف بـ"الاتفاقات الإبراهيمية"، إذ طرحت إسرائيل شروطًا واضحة تتضمن اعترافًا سوريًا بسيادتها على الجولان مقابل أي اتفاق محتمل. كما أكد مسؤولون إسرائيليون أن بقاء إسرائيل في الجولان يعد شرطًا أساسيًا لأي تطور في هذا المسار.
وتبقى المنطقة، سواء في محيط بيت جن أو على طول خط الجولان، ساحة مفتوحة للتوتر الميداني والسياسي، وسط غياب أي مؤشرات على تهدئة قريبة أو حلول سياسية تضمن استقرار الجنوب السوري واستعادة الحقوق القانونية والسيادية لكل الأطراف.