بعد مرور عام على الإطاحة بالنظام السوري، يعيش جيل كامل نشأ خلال الثورة والحرب حالة من الاختلاف العميق في الرؤية والمستقبل. هؤلاء الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا، يكابدون الآثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية للحرب، بينما يحاولون إعادة تعريف العلاقة مع وطنهم.
في المدن السورية، تتباين التجارب بين من عاشوا صدمة الحرب والنزوح، ومن لم تتح لهم فرصة التذكر قبل وقوع الثورة. بعض الشباب يعبرون عن شعورهم بالفرح بعد سقوط النظام، مزيج من الأمل في التغيير والحزن على ضحايا السنوات الماضية. بينما يشعر آخرون أن التغيرات على الأرض لم تقدم استقراراً حقيقياً، فالفقر والبطالة وانقطاع الخدمات ما زالوا من أبرز التحديات اليومية.
يواجه الجيل الجديد سؤال الهوية والانتماء بشكل مستمر، فغالبية هؤلاء نشأوا في ظل النزوح والتشتت، مما أثر على رؤيتهم للبلد ومستقبلهم الشخصي والمهني. فبالرغم من الانفتاح الدولي وإمكانية السفر والتعلم خارج البلاد، إلا أن القلق من المستقبل والاقتصاد الهش يلاحقهم في حياتهم اليومية.
من أبرز التحديات التي يعاني منها الشباب:
غياب الأمن والاستقرار الشخصي: حتى بعد عام من التغيير، يخشى الشباب العودة إلى مناطقهم الأصلية أو ممارسة أنشطة كانت طبيعية قبل الحرب.
الفرص التعليمية والمهنية المحدودة: في كثير من المدن، يرى الشباب أن مجالاتهم الدراسية أو مشاريعهم العملية تواجه تحديات كبيرة، أحياناً تصل إلى رفض محيطهم لأفكار جديدة.
الاقتصاد المتدهور وارتفاع تكاليف المعيشة: ضعف الرواتب وارتفاع الأسعار يجعل الحياة اليومية صراعاً مستمراً.
التغيرات الاجتماعية السريعة: الانتقال السياسي لم يترجم إلى تحسن ملموس في المؤسسات العامة، مما يدفع الشباب للتفكير في الهجرة أو البحث عن فرص خارج البلاد.
ورغم هذه الصعوبات، يحمل الجيل الجديد مستوى عالٍ من الطموح والاستقلالية، خاصة في مجالات التعليم والتقنية، ويبحث عن فرص للابتكار والانخراط في المجتمع. يظهر ذلك من خلال الاهتمام بالتقنيات الحديثة والعمل الرقمي، ومحاولات التكيف مع الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة.
الدراسات الحديثة حول الأجيال التي نشأت في بيئات ما بعد النزاعات تشير إلى أن هؤلاء الشباب يعانون مستويات أعلى من القلق وعدم اليقين، لكنهم أكثر استعداداً للمشاركة الاجتماعية والتعلم والتجريب التقني، رغم أن المؤسسات الرسمية غالباً ما تهمل احتياجاتهم، وهو ما يجعلهم يفكرون في خيارات الهجرة كحل طويل الأمد.
باختصار، يمثل هذا الجيل السوري الجديد مزيجًا من التجربة القاسية للأزمات والحرب مع الأمل في مستقبل أفضل، ويواصلون البحث عن معنى لحياتهم، واستقرار شخصي، وفرص حقيقية للنمو والابتكار في وطنهم.