أولويات أميركا القومية وإعادة ترتيب النفوذ العالمي

2025.12.06 - 11:01
Facebook Share
طباعة

 أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الجمعة عن إستراتيجية الأمن القومي الجديدة، والتي تمثل تحولًا كبيرًا في أولويات الولايات المتحدة لتعكس رؤية ترامب للعالم تحت شعار "أميركا أولا". وتعكس الوثيقة اهتمامًا مركزيًا بحماية المصالح الأميركية في الداخل والخارج، مع تقليل الاعتماد على التحالفات التقليدية والتأكيد على القوة الذاتية.
وتتضمن الإستراتيجية تقسيمًا واضحًا للمناطق، مع تركيز على أولويات أميركا في كل منها:


أوروبا: تحذيرات من التغيير الديمغرافي وموقف صارم تجاه الناتو
تنتقد الإستراتيجية أوروبا بشدة، معتبرة أن الهجرة الجماعية قد تؤدي إلى تغييرات ديمغرافية تهدد الحضارة الأوروبية، وهو ما ينسجم مع خطاب اليمين المتطرف. وتشير الوثيقة إلى أن "غير الأوروبيين قد يشكّلون الأغلبية في بعض دول الناتو خلال عدة عقود على أقصى تقدير"، وتدعو إلى تنمية المقاومة الداخلية في القارة.

كما تتناول الإستراتيجية ما وصفته بـ قمع حرية التعبير والمعارضة السياسية في أوروبا، في إشارة إلى محاولات الحد من نشاط أحزاب اليمين المتطرف. وفي خطوة غير متوقعة، تعلن الوثيقة عدم نية الولايات المتحدة في توسيع حلف الناتو، وهو ما يمثل ضربة لتطلعات دول مثل أوكرانيا للانضمام إلى التحالف.


أميركا اللاتينية: إعادة تطبيق "مبدأ مونرو" بعقلية ترامب
تستعيد الإستراتيجية مبدأ مونرو التاريخي، مؤكدة على أن أميركا اللاتينية منطقة محظورة على القوى الأجنبية، وأن الولايات المتحدة ستعمل على الحفاظ على استقرار المنطقة بما يمنع الهجرة الجماعية إليها. وتركز الوثيقة على الوصول إلى الموارد والمواقع الإستراتيجية لضمان أن دول المنطقة مستقرة بما يكفي لحماية الأمن القومي الأميركي.


آسيا: المنافسة الاقتصادية وتأكيد الدفاع عن تايوان
تسلط الإستراتيجية الضوء على الصين كخصم اقتصادي للولايات المتحدة، مع التركيز على مبدأ المعاملة بالمثل واستعادة الاستقلال الاقتصادي الأميركي. وتشير الوثيقة إلى أن الولايات المتحدة ستمنع المنافسين من امتلاك أصول إستراتيجية حيوية خارج نصف الكرة الغربي، بما في ذلك نشر القوات أو القدرات المهددة.

فيما يخص تايوان، تؤكد الإستراتيجية على الحفاظ على الوضع القائم، مع دعوة اليابان وكوريا الجنوبية لزيادة مساهمتها في الدفاع عن الجزيرة. كما تشير الوثيقة إلى تعزيز العلاقات مع الهند لدعم الأمن في منطقة المحيط الهندي والهادئ، مع الاعتراف بالتوترات التاريخية بين نيودلهي وبكين.


الشرق الأوسط وأفريقيا: تقليص الاعتماد على النفط والتركيز على الموارد الحيوية
تدعو الوثيقة إلى خفض التركيز على الشرق الأوسط مقارنة بالسياسات الأميركية السابقة، مستندة إلى زيادة الاستقلال الطاقي للولايات المتحدة، ما يقلل الحاجة إلى النفط الخليجي. وتشير الإستراتيجية إلى تراجع نفوذ إيران نتيجة العمليات العسكرية الأميركية والإسرائيلية، مع التركيز على ضمان أمن إسرائيل ولكن بشكل أقل تفصيلًا من الماضي.

بالنسبة لأفريقيا، تركز الإستراتيجية على الانتقال من تقديم المساعدات التقليدية إلى ضمان السيطرة على الموارد الحيوية في القارة، في محاولة لتقليل الاعتماد على التعاون التنموي القديم وتحقيق مصالح اقتصادية وأمنية مباشرة.


تحليل الإستراتيجية
تعكس إستراتيجية ترامب للأمن القومي تحولًا نحو سياسة انفرادية صارمة، تعتمد على تعزيز القوة الذاتية للولايات المتحدة وتقليل الاعتماد على الحلفاء التقليديين، سواء في الناتو أو في الشرق الأوسط. وتُظهر الوثيقة اعتمادًا على أدوات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية لضمان المصالح الأميركية، بما في ذلك التحكم في الموارد الحيوية والردع الإقليمي.

كما أن التركيز على التحديات الديمغرافية والسياسية في أوروبا وإعادة تطبيق مبدأ مونرو يوضح اهتمام الإدارة بتقليل التهديدات الداخلية والخارجية بشكل متزامن، بينما تشير التوجيهات نحو آسيا إلى أن الولايات المتحدة ستوازن بين المنافسة الاقتصادية والدفاع عن الحلفاء الإستراتيجيين مثل تايوان والهند.

الإستراتيجية أيضًا تشير إلى تخفيف الأعباء الأميركية في الشرق الأوسط مع الحفاظ على السيطرة الأمنية والاقتصادية، وهو ما يعكس تحولًا عمليًا من تدخلات مباشرة إلى إدارة النفوذ عبر القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 7