ملف الكهرباء في سوريا بين وعود الواقع

2025.12.16 - 11:03
Facebook Share
طباعة

 بعد سقوط النظام، لم تعد الكهرباء مجرد خدمة عامة، بل أصبحت اختبارًا يوميًا لقدرة الحكومة على تحسين حياة المواطنين وتخفيف آثار الانقطاع الطويل الذي شهدته البلاد. سنوات طويلة من التقنين القاسي والانقطاع شبه الدائم جعلت الكهرباء حلمًا مؤجلًا يقاس به مدى جدية أي وعود حكومية لتحسين الواقع المعيشي والاقتصادي.

في الأسابيع الأولى بعد التحرير، شهدت بعض مناطق دمشق وريفها تحسنًا نسبيًا، مع ارتفاع ساعات التغذية الكهربائية وخفّة حدّة التقنين، ما أعاد الأمل تدريجيًا للبيوت التي اعتادت العتمة. ترافق ذلك مع تصريحات رسمية تحدثت عن خطط طوارئ وإصلاحات في قطاع الطاقة، ورفع تعرفة الكهرباء باعتبارها خطوة ضرورية لضمان الاستدامة وتحسين الخدمة.

لكن هذا التحسن لم يدم طويلًا، إذ عادت ساعات التغذية الكهربائية للتراجع قبل أيام قليلة من ذكرى التحرير، مع استمرار الشكاوى حول زيادة التعرفة مقابل خدمة غير مستقرة، ما يعيد إنتاج المشهد السابق برقابة مختلفة.


واقع الكهرباء اليوم
في أحياء دمشق، لا يزال الوضع يفتقر إلى جدول واضح أو مؤشرات على استقرار مستدام. ساعات التغذية تتراوح بين ساعة واحدة إلى أربع ساعات مقابل فترات قطع طويلة، بشكل عشوائي يربك حياة السكان اليومية. زيادة التعرفة لم تصاحبها تحسن ملموس، ما يثير قلق المواطنين وتساؤلاتهم حول جدوى الوعود الحكومية.

تأثر بعض المناطق بشكل مباشر على خدمات المياه، حيث لا يمكن ضخها وتخزينها خلال فترات انقطاع الكهرباء، ما يزيد الأعباء اليومية على السكان. التبريرات المتضاربة بين ضغط على الشبكة أو ظروف الطقس لم توضح سبب التراجع المفاجئ بعد الحديث عن تحسن مؤقت في الخدمة.


مشاريع إصلاحية وتفاوت بين المناطق
أعلنت الحكومة عن خطوات إصلاحية، منها توقيع مشروع إعادة تأهيل خطوط الربط الكهربائي بدعم من مؤسسات دولية، بقيمة 146 مليون دولار، بهدف رفع كفاءة الشبكة وزيادة قدرتها على تلبية الطلب، في بلد ما تزال شبكاته الكهربائية تعاني أعطالًا واسعة.

رغم المشاريع طويلة الأمد، يواجه السكان واقعًا يوميًا متقلبًا، حيث تراوح ساعات الوصل بين ساعة وساعتين مقابل فترات قطع طويلة، مع تفاوت كبير بين مناطق دمشق نفسها وبقية المحافظات، ما يطرح تساؤلات حول عدالة التوزيع ومعايير إدارة الشبكة.

في حلب وإدلب، تراجع التيار الكهربائي بعد أن كان أفضل سابقًا، بينما في طرطوس ودرعا يسجل وضع التغذية تحسنًا نسبيًا، ما يعكس التفاوت بين المحافظات وغياب الاستقرار الموحد.


توضيح وزارة الطاقة
وزارة الطاقة أوضحت أن الشبكة تمر بمرحلة انتقالية حساسة ضمن خطة إصلاح شاملة، تشمل إعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة. التحسن المؤقت بعد التحرير كان نتيجة تشغيل مجموعات توليد بشكل إسعافي، إلا أن استمرار التشغيل كشف الحاجة لإصلاحات جذرية في المحطات وشبكات النقل.

أضافت الوزارة أن التراجع في التغذية مرتبط بإجراءات فنية لضمان عودة مستقرة للتيار الكهربائي، مع مراعاة حجم الأحمال، والكثافة السكانية، وحالة الشبكات في كل منطقة. وأكدت أن توزيع الكهرباء يعتمد على معايير فنية وتشغيلية بحتة، مع التركيز على المرافق الحيوية مثل المشافي ومحطات المياه والأفران، وأن الهدف هو تحقيق تحسن متوازن في مختلف المحافظات خلال المرحلة المقبلة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 3