أجواء الأعياد في الساحل بين الترقب والقلق

2025.12.18 - 08:05
Facebook Share
طباعة

 تدخل مناطق الساحل السوري موسم أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية هذا العام وسط نقاش اجتماعي واسع حول طبيعة الأجواء السائدة، في ظل تداول مخاوف وشكوك لدى بعض الأهالي، يقابلها نفي رسمي ومجتمعي لأي إجراءات أو تهديدات تمسّ طقوس الاحتفال أو الحريات الدينية والثقافية.

وخلافًا لسنوات سابقة كانت الأعياد تمرّ بهدوء اجتماعي مألوف، تشهد المرحلة الحالية حساسية أكبر لدى شريحة من السكان، تعود في جزء منها إلى التحولات الأمنية والسياسية العامة، وانتشار نقاشات على وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن تضييق محتمل أو تغيير في نمط الحياة، وهي روايات لم تُسند بوقائع ملموسة على الأرض.

في المقابل، تؤكد جهات محلية وشخصيات اجتماعية أن هذه المخاوف لا تستند إلى قرارات رسمية أو ممارسات ممنهجة، وأن الاحتفالات الدينية والاجتماعية ما زالت تُقام ضمن الأطر المعتادة، دون تدخل أو منع، مشيرين إلى أن ما يُتداول يندرج في إطار القلق الطبيعي الذي يرافق أي مرحلة انتقالية.

عدد من الأهالي أشاروا إلى أن الحذر الذي يطغى على المشهد هذا العام نابع من تقديرات شخصية، لا من وقائع مباشرة. وتقول سيدة من إحدى مدن الساحل إن “الناس أصبحت أكثر تحفظًا بشكل عام، ليس لأن هناك منعًا، بل لأن الأوضاع تغيّرت والجميع يحاول التأقلم بحذر”.

ويرى متابعون أن وسائل التواصل لعبت دورًا في تضخيم بعض المخاوف، عبر تداول قصص غير مؤكدة عن مضايقات أو ضغوط اجتماعية، في حين لم تُسجَّل حوادث مثبتة تشير إلى استهداف الاحتفالات أو منعها. ويؤكد هؤلاء أن الحياة اليومية مستمرة، والأسواق تعمل، والاستعدادات للأعياد حاضرة وإن بدت أقل صخبًا من السابق.

أصحاب المحال والمقاهي يتعاملون مع الموسم بمنطق التوازن، بين الحفاظ على أجواء الاحتفال واحترام التنوع المجتمعي. ويشير بعضهم إلى أن تقليص الزينة أو السهرات لا يعكس خوفًا مباشرًا، بل توجّهًا عامًا نحو البساطة، في ظل ظروف اقتصادية وأمنية معروفة تمر بها البلاد.

أما ما يُثار حول حساسية بعض الطقوس المرتبطة بالأعياد، مثل تقديم المشروبات الروحية، فيؤكد عاملون في القطاع الخدمي أنه لا توجد تعليمات تمنع ذلك، وأن الخيارات المتبعة تعود لتقدير كل منشأة وزبائنها. ويرى هؤلاء أن النقاش الدائر حول هذا الموضوع أخذ حجمًا أكبر من واقعه الفعلي.

من جهتهم، يشدد ناشطون اجتماعيون على أهمية الفصل بين الشكوك غير المثبتة والواقع الميداني، محذرين من أن تضخيم المخاوف قد يؤدي إلى توتير الأجواء دون مبرر. ويؤكدون أن الساحل السوري لطالما كان نموذجًا للتنوع والتعايش، وأن الحفاظ على هذا الإرث يتطلب تهدئة الخطاب وتغليب الثقة.

في الوقت نفسه، لا ينكر هؤلاء وجود قلق لدى بعض الفئات، معتبرين أن التعامل معه يكون عبر الشفافية والتواصل، لا عبر تجاهله أو تضخيمه. ويشيرون إلى أن طمأنة الناس بشكل واضح، وتأكيد احترام الخصوصيات الدينية والثقافية، كفيل بتبديد كثير من الشكوك المتداولة.

ويرى مراقبون أن الأعياد هذا العام تشكّل اختبارًا اجتماعيًا أكثر منها أمنيًا، حيث يراقب الناس بعضهم بعضًا بحساسية زائدة، في مرحلة لم تستقر فيها الصورة العامة بعد. ومع ذلك، يؤكدون أن استمرار الاحتفالات، ولو بشكل أبسط، يعكس رغبة واضحة في التمسك بالحياة وعدم الانجرار وراء القلق.

وبين روايات القلق ونفيها، تمضي أعياد الميلاد ورأس السنة في الساحل السوري وسط مشهد متداخل، تحضر فيه الشكوك أكثر من الوقائع، وتبقى فيه الطمأنة الرسمية والمجتمعية عاملًا أساسيًا للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، بانتظار أن تتضح المرحلة المقبلة بشكل أكبر.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 9