منشورات غامضة تعيد شبح التنظيم إلى إدلب

2025.12.18 - 08:32
Facebook Share
طباعة

 شهدت مدينة إدلب وريفها خلال الساعات الماضية تطورًا أمنيًا لافتًا، تمثّل بانتشار منشورات ورقية في عدد من الأحياء والبلدات، حملت شعارات متشددة وعبارات تهديد بعودة نشاط تنظيم “الدولة الإسلامية”، ما أثار حالة من القلق والتساؤل بين الأهالي، في وقت تشهد فيه المنطقة مرحلة سياسية وأمنية حساسة.

وبحسب إفادات محلية، وُزعت هذه المنشورات في مناطق متفرقة من مدينة إدلب وريفها، وتضمنت عبارات تنتقد مسار الحكومة الانتقالية وتشكك في طبيعة المرحلة الحالية، مع إيحاءات بعودة التنظيم إلى الواجهة. ورغم عدم تسجيل أي تحركات مسلحة متزامنة مع هذه المنشورات داخل المدينة، إلا أن ظهورها المفاجئ أعاد إلى الأذهان مخاوف قديمة مرتبطة بنشاط الخلايا النائمة.

وأشارت مصادر محلية إلى أن مضمون المنشورات ركّز على مهاجمة الخطاب السياسي السائد، واعتبر ما يجري “تبدل أدوار لا أكثر”، في لغة تهديدية أثارت استياء السكان، الذين عبّر كثير منهم عن خشيتهم من أن تكون هذه الرسائل مقدمة لتحركات أمنية أو هجمات لاحقة.

وليست هذه الحادثة الأولى من نوعها، إذ سبق خلال الأسابيع الماضية رصد كتابات وشعارات مشابهة في مناطق أخرى من البلاد، لا سيما في ريف دير الزور، حيث ظهرت عبارات تهديد على جدران مدارس ومبانٍ عامة، ما خلق حينها حالة من الذعر، ودفع الجهات المعنية إلى فتح تحقيقات أمنية محدودة.

تزامن انتشار المنشورات مع سلسلة هجمات متفرقة شهدتها مناطق في إدلب وريف حلب وتدمر خلال أيام قليلة، أعلنت جهات متشددة مسؤوليتها عنها عبر منصات إعلامية معروفة. هذه الهجمات، التي اتسمت بالسرعة والدقة، استهدفت نقاطًا أمنية ودوريات، وأسفرت عن قتلى وجرحى، ما أعاد ملف التنظيم إلى واجهة النقاش الأمني.

ويرى مراقبون أن هذه التطورات تعكس تحوّلًا في أسلوب عمل الخلايا المتشددة، التي باتت تعتمد على عمليات محدودة ومدروسة، بدل المواجهات الواسعة، مستهدفة مواقع ذات رمزية أمنية أو سياسية. هذا الأسلوب، بحسب مختصين، يهدف إلى إرباك المشهد، وبث الشك في قدرة الجهات المسيطرة على فرض الاستقرار.

في هذا السياق، يشير محللون إلى أن المرحلة الانتقالية الحالية، بما تحمله من تغييرات سياسية وأمنية، قد تشكّل بيئة قابلة للاستغلال من قبل خلايا متشددة تسعى لإثبات وجودها، سواء عبر عمليات مباشرة أو من خلال حرب نفسية تعتمد على التخويف والرسائل الرمزية.

من جهة أخرى، تؤكد مصادر محلية أن الأجهزة الأمنية كثّفت من إجراءاتها في بعض المناطق، وبدأت عمليات بحث وتحقيق لتحديد الجهات المسؤولة عن توزيع المنشورات، في محاولة لاحتواء أي تصعيد محتمل، ومنع استغلال القلق الشعبي لتحقيق أهداف تخريبية.

كما يشير متابعون إلى أن الحديث عن وجود بيئات حاضنة أو تسهيلات مباشرة لا يزال في إطار التحليل والتكهن، دون أدلة قاطعة، محذرين من الانجرار وراء التعميم أو تحميل المسؤولية لأطراف بعينها دون معطيات واضحة، لما لذلك من أثر سلبي على النسيج الاجتماعي.

ميدانيًا، شهدت بعض المناطق خلال الأيام الماضية حوادث أمنية متفرقة، من بينها هجمات استهدفت دوريات وعناصر أمنية في ريف حلب الجنوبي والغربي، إضافة إلى حادثة خطيرة وقعت في محيط مدينة تدمر، كشفت عن ثغرات أمنية غير مسبوقة، وأثارت تساؤلات حول آليات الحماية والتنسيق.

ويرى مختصون أن مواجهة هذا النوع من التهديدات لا تقتصر على الحلول الأمنية فقط، بل تتطلب أيضًا معالجة الأسباب العميقة، وتعزيز الثقة بين السكان والجهات المسؤولة، إلى جانب خطاب واضح يطمئن الأهالي ويمنع تضخيم المخاوف.

وبينما لا تزال التحقيقات جارية، يبقى المشهد في إدلب والشمال السوري مفتوحًا على عدة احتمالات، في ظل تصاعد الخطاب المتشدد من جهة، ومساعي ضبط الوضع ومنع الانزلاق إلى فوضى أمنية من جهة أخرى، وسط دعوات شعبية لعدم السماح بعودة مشاهد العنف التي عانت منها المنطقة لسنوات.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 6