رغم مرور أشهر على توقيع اتفاق 10 آذار بين الحكومة السورية و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، لم تظهر أي بوادر لتنفيذه بشكل كامل، وسط مفاوضات مستمرة ومحاولات لتحقيق تقدم محدود قبل نهاية العام.
وتسارعت المفاوضات في الأيام الأخيرة، بعد أن أرسلت الحكومة السورية مقترحًا رسميًا لأول مرة يوضح استعدادها لضم قوات “قسد” إلى الجيش السوري على شكل ألوية وفرق، في محاولة لترجمة الاتفاق المبرم شفهياً بين الرئيس السوري وقائد “قسد” إلى واقع عملي.
الانضمام ككتلة واحدة
يقترح المقترح الحكومي إعادة تنظيم نحو 50 ألف مقاتل من “قسد” ضمن ثلاث فرق رئيسة وألوية أصغر، مع بعض التنازلات في سلاسل القيادة وفتح مناطق سيطرتها أمام وحدات أخرى من الجيش السوري. ويُعتبر هذا الحل الوسط خطوة لإدماج القوات الكردية ضمن الجيش، مع الحفاظ على دور دمشق في إدارة المناطق الغنية بالموارد.
ويرى المحلل السياسي محمد الحمادة أن هذا التنظيم هو حل وسط يمنع وجود أي كيان مستقل، ويضمن توزع عناصر الجيش السوري بالتوازي مع عناصر “قسد” في كامل الجغرافيا السورية. بينما يرى نادر الخليل أن تنفيذ هذا التدرج يعزز سيادة دمشق على مناطق شرقي وشمال شرقي البلاد ويشكل خطوة نحو تفكيك بنية “قسد” العسكرية تدريجيًا.
تفكيك القيادة قبل الجغرافيا
تشترط دمشق على “قسد” التخلي عن بعض سلاسل القيادة لديها مقابل قبول اندماج المقاتلين ضمن ألوية وفرق صغيرة، بالإضافة إلى فتح مناطق سيطرتها أمام وحدات الجيش السوري. كما تواصل الحكومة التفاوض حول تعيين مقاتلي “قسد” في مناصب قيادية ضمن وزارتي الدفاع والداخلية.
ويعتقد بعض المحللين أن هذه المقترحات هي وسيلة لكسب الوقت، وإحراج كل طرف للآخر، مع إضعاف تدريجي لبنية القيادة والسيطرة على الأرض، وضمان تثبيت مكانة دمشق كممثل للدولة ومؤسساتها الشرعية.
سيناريوهات محتملة
في حال فشل الدمج الكامل، تتراوح السيناريوهات بين التصعيد الميداني المحدود أو التنفيذ الجزئي للاتفاق على مستوى مناطق معينة، مع استمرار دور الوساطة الأمريكية للضغط على الطرفين. وقد يلجأ الطرفان إلى حلول وسط مثل تسليم “قسد” بعض المناطق مقابل تمديد الاندماج، أو قبول الاندماج الجزئي كبداية لمرحلة لاحقة.
الضغط التركي والتهديد العسكري
لم تتوقف تركيا عن تحذير “قسد” من المماطلة، مؤكدة إمكانية استخدام القوة عند الحاجة دون الرجوع لأي طرف، مع التأكيد على أن الولايات المتحدة تعمل كضامن للاتفاق لضمان استمرار الاستقرار ومنع تصعيد النزاع.
ويرى الباحث طارق حمو أن احتمالية مواجهة عسكرية كبيرة ضعيفة جدًا، إذ تسعى الحكومة السورية لإغلاق الملفات دون التصعيد، مع ملاحظة أن تركيا لا تعارض الانضمام الجزئي لقسد ضمن الجيش السوري، خاصة بعد التوافق الأخير مع حزب العمال الكردستاني، مما يقلل من أي عقبات محتملة على الصعيد الإقليمي.
يبقى اتفاق 10 آذار، رغم أهميته، هشًا في التنفيذ الكامل، مع تقدم محدود محتمل في الجوانب الإدارية واللوجستية، مقابل احتمالات تأجيل أو تنفيذ جزئي، بينما تستمر القوى الإقليمية والدولية في لعب دور الضامن للاستقرار ومنع أي انفجار للأوضاع في شمال وشرق سوريا.