طلبت بيروت من دمشق إعداد مقترحات لتعديل اتفاقية التعاون القضائي حول آلية تسليم السجناء السوريين الموقوفين في لبنان، بعد تقديم مسودتين سابقتين لم تحظَ بقبول الطرفين.
وأكد نائب رئيس الحكومة اللبنانية طارق متري أن مشروع الاتفاقية الثانية ناقش الأسبوع الماضي في دمشق، وجرى أخذ ورد حول بنودها، دون أن تكون مرضية للطرف السوري، وهو ما دفع لبنان إلى طلب تعديلات إضافية قبل اعتمادها رسميًا من مجلس الوزراء اللبناني.
تركزت الاعتراضات على استثناء بعض المحكومين وملف الموقوفين، فيما أشار متري إلى إطلاق نحو 100 موقوف بموجب إخلاءات سبيل خلال الفترة الأخيرة، إضافة إلى الإفراج عن 22 آخرين خلال شهرين كانوا محتجزين بسبب انتمائهم سابقًا إلى تنظيم كان محظورًا، وهو “جبهة النصرة”.
وأكد متري وجود إرادة سياسية لمعالجة الملف بسرعة، مشددًا على أن كل يوم يمر يزيد تعقيد الأمور، وأن لبنان يسعى لنقل العلاقات مع سوريا من مرحلة المعالجة إلى مرحلة التعاون، بما يطوي صفحة الإشكالات السابقة ويعزز استقرار العلاقة الثنائية.
وأشار إلى أن العلاقات المطلوبة تقوم على التكافؤ والاحترام المتبادل، مؤكدًا أن السوريين في لبنان اليوم لا يسعون للهيمنة أو التدخل في الشؤون الداخلية.
خلافات على بنود الاتفاق
تتركز أبرز الملاحظات السورية على بندين رئيسيين: الأول يمنح الدولة المسلِّمة الحق في رفض تسليم أي سجين من دون تقديم تبرير، بينما الثاني يمنع الدولة المستلمة من منح أي عفو للمحكومين أو الموقوفين المستلمين من لبنان.
ورغم عقد سلسلة من الاجتماعات بين الطرفين، لم يُحسم الاتفاق بعد، ما يعكس استمرار الخلافات الجوهرية حول آلية التنفيذ والمسؤوليات القانونية لكل جانب.
عدد الموقوفين وظروف الاحتجاز
تقدر الشبكة السورية لحقوق الإنسان عدد المحتجزين السوريين في سجن “رومية” شمال شرقي بيروت بحوالي 2000 شخص، من بينهم نحو 190 على خلفية مشاركتهم في الثورة السورية. ويعد السجن الأكبر في لبنان، حيث يضم أكثر من 4000 نزيل رغم طاقته الاستيعابية البالغة 1200، ما يسبب اكتظاظًا شديدًا وسوء الخدمات.
على الجانب اللبناني، لا توجد تقديرات رسمية دقيقة عن عدد اللبنانيين المفقودين في سوريا، لكن جمعية المعتقلين اللبنانيين قدرت العدد بـ622 مفقودًا، بينما قدم وزير العدل السابق قائمة تضم أكثر من 6500 اسم لمفقودين لبنانيين في سوريا.
التركيز على الحدود والتعاون الفني
أوضح متري أن التركيز حاليًا على ضبط الحدود بين البلدين، ومسألة الترسيم لم تبدأ بعد، مع مساهمة فرنسية تقنية عبر تقديم خرائط الانتداب الفرنسي لتسهيل عملية الترسيم المستقبلية.
وأكد المسؤول اللبناني أن الحكومة حريصة على استثمار الظروف الراهنة لتعزيز العلاقات الثنائية بشكل مستقر وسليم، بعد سنوات طويلة من الخلافات والإشكالات، مع التركيز على معالجة الملفات العالقة بطريقة تحفظ حقوق جميع الأطراف.