في أعقاب مقتل جنديين أمريكيين ومترجم مدني وعنصر من الأمن العام السوري في مدينة تدمر، أعلنت قوات “الحرس الوطني” التابعة للرئيس الروحي للطائفة الدرزية في السويداء، حكمت الهجري، جاهزيتها الكاملة للمشاركة مع التحالف الدولي في أي جهد يهدف إلى اجتثاث “العناصر الإرهابية” من البادية الشرقية، والتي وصفها البيان بأنها امتداد طبيعي لبادية “جبل باشان”.
ورأى محللون أن بيان “الحرس الوطني” يمثل محاولة للتقرب من الأمريكيين وعرض خدماته، رغم التشكيك في أهليته للعب دور حقيقي في مكافحة التنظيمات المسلحة.
الهجوم على تدمر
أعلنت القيادة المركزية الأمريكية أن الهجوم أسفر عن مقتل اثنين من العسكريين الأمريكيين ومدني أمريكي، وإصابة ثلاثة آخرين، في كمين نفذه عنصر من تنظيم “الدولة الإسلامية”. ووقع الحادث أثناء جولة ميدانية مشتركة بين القوات الأمريكية والأمن السوري قرب مدينة تدمر.
وأكد بيان وزارة الداخلية السورية أن منفذ الهجوم ليس مرتبطًا بقيادة الأمن العام، ولا يمثل مؤشراً على تورط الحكومة السورية، مشيرًا إلى أن التحالف الأمريكي أكد أن الهجوم كان نتيجة نشاط إرهابي من تنظيم “الدولة”، بعيدًا عن أي مؤسسات حكومية.
الاستثمار السياسي للحدث
أصدر “الحرس الوطني” بيانًا يعبر فيه عن التعازي للضحايا الأمريكيين، ويؤكد التزامه بمحاربة الإرهاب، مؤكدًا أن الهجوم يوضح وحدة خطر الإرهاب الذي يستهدف جميع الأطراف دون تمييز.
ويرى الباحث عمار جلو أن البيان يعكس رغبة “الحرس الوطني” في إثبات وجوده على الساحة السياسية المحلية والإقليمية، ومحاولة إظهار نفسه كطرف قادر على التدخل في الأحداث الميدانية، على غرار ما فعلته فصائل أخرى في السنوات السابقة، مثل “قسد” في 2014.
المحلل السياسي حسام طالب يرى أن البيان يهدف إلى إرسال رسالة للولايات المتحدة مفادها أن الحكومة السورية تضم عناصر “إرهابيين”، في محاولة لجذب دعم أمريكي أو اعتراف بدور “الحرس الوطني”، رغم أن الواقع يشير إلى عدم إمكانية حدوث ذلك.
رسائل إلى واشنطن والقوى الإقليمية
يشير البيان إلى استعداد الحرس الوطني للعمل ضمن جهود التحالف الدولي لضمان الأمن في البادية الشرقية ومنع تمدد التهديدات نحو قرى السويداء، معتبرًا محاربة الإرهاب جزءًا من مسؤولياته الوطنية والأخلاقية.
ويعتقد جلو وطالب أن البيان يهدف إلى كسب موضع لدى القوى الإقليمية والدولية، وخصوصًا الولايات المتحدة، على غرار الطريقة التي تعاونت بها فصائل محلية مع التحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة” في السنوات الماضية.
لكن المحللين يؤكدون أن فرص الحرس الوطني للحصول على دعم أمريكي مباشر ضئيلة، وأن دوره يظل محدودًا، مع بقاء الحكومة السورية شريكًا رئيسيًا للتحالف الدولي في مكافحة الإرهاب.
على الرغم من البيان الاستعراضي، يبدو أن “الحرس الوطني” يسعى فقط لإثبات وجوده وإرسال إشارات للولايات المتحدة، بينما تظل القوات السورية الرسمية والتحالف الدولي الأطراف الأساسية في مكافحة الإرهاب في المنطقة، مع احتمالية أن تذهب الملفات الأمنية إلى حلحلة تدريجية بعيدًا عن زيادة التعقيد والتوتر الداخلي في السويداء وسوريا عمومًا.